أرحب بكم جميعًا وأشكر الكاردينال ليوناردو ساندري، عميد مجمع الكنائس الشرقية، على كلمته الطيبة التي استهل بها لقاءنا هذا. أحيّي كل واحد منكم من صميم فؤادي كما أحيّي المؤسسات والمجتمعات التي تنتمون إليها. أشكركم على تفانيكم العظيم وانقطاعكم إلى تنفيذ المهمة الموكلة لكم، وكذلك على اهتمامكم باحتياجات إخواننا وأخواتنا في بلدان الشرق. ويشارك في الأعمال التي تؤدونها ممثلين من المؤسسات البابوية في القدس ولبنان وسوريا والعراق والأردن وأوكرانيا، وجميعهم يدعمون حياة الكنيسة وشعوب تلك البلدان، مما يجعل قداسة البابا والكرسي الرسولي قريبًا منهم، ليس عن طريق عقد اللقاءات فحسب بل أيضًا من خلال المبادرات الخيرية الحقيقية والملموسة بالتنسيق مع كافة المنظمات المشاركة في الكوريا الرومانية.
أحيّي أيضًا الأب فرنسيس باتون الذي خلف الأب بيير باتيستا بيزابالا بوصفه حارس الأراضي المقدسة، وأود أن أغتنم هذه الفرصة كي أعبر عن محبتي وامتناني لجميع الرهبان الفرنسيسكان الصغار الذين حافظوا على الأماكن والأضرحة المقدسة. وأشكر خاصة القائمين على تقدمات الجمعة العظيمة التي تتجدد كل عام والتي تمّ إطلاقها بإلهام من قداسة البابا بولس السادس. أدعو ربنا العلي القدير أن يحميكم ويحفظكم بسلام! وإني آمل أننا سننتهي قريبًا جدًا من ترميم كنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة القيامة في القدس وذلك بفضل المساعدات السخية التي يقدمها الكثيرون، وأيضًا بفضل المساهمات الكريمة من المجتمعات والطوائف المسيحية.
لقد قيل لي أنه أثناء ترميم كنيسة المهد على وجه التحديد كشفت التنقيبات عن وجود ملاك سابع من الفسيفساء على أحد جدران صحن الكنيسة تمّ تغطيته بطبقة من الجص خوفًا من خرابه وسقوطه، وهذا الملاك جنبًا إلى جنب مع الملائكة الستة الآخرين يشكلون موكبًا متجهًا نحو المكان الذي يُحيي ذكرى سر ولادة السيد المسيح حينما أصبحت الكلمة جسدًا. وهذا الاكتشاف الهام يجعلنا نعتقد على نحو مجازي بأن وجه مجتمعاتنا الكنسية قد تغطيه “القشور” والشوائب بسبب المشاكل المختلفة والخطايا الكثيرة. ومع ذلك، يجب أن تكونوا على يقين وأنتم تؤدون عملكم بأنه تحت القشور المادية والأخلاقية هنالك أيضًا ينابيع من الدموع والدماء ناجمة عن الحروب والعنف والاضطهاد، وتحت هذه القشور التي تبدو عصية على الاختراق يوجد وجه مضيء يشبه وجه ذلك الملاك السابع من الفسيفساء. وأنتم جميعكم بما تقومون به من المشاريع والفعاليات قد تآزرتم وتضافرت جهودكم بغية ترميم الكنيسة كي يعكس وجهها المشرق نور المسيح – الكلمة الذي صار جسدًا وحلّ بيننا. فالسيد المسيح هو سلامنا، وهو يقرع أبواب قلوبنا في الشرق الأوسط تمامًا كما يقرع أبواب قلوب الناس في الهند وأوكرانيا. وأود التأكيد هنا على تخصيص التقدمات غير العادية للكنيسة في أوكرانيا التي تمّ الإعلان عنها من بين كنائس أوروبا في شهر نيسان الماضي.
أمّا الصلاة التي ترغبون هذه الأيام في تكريسها لوجود الكنيستين سايرو-ملابار وسايرو-ملانكارا في الهند خارج إقليم كيرلا فتجعلني آمل أنه يمكن لكل فرد المضي قدمًا بحسب خارطة الطريق التي وضعها أسلافي والتي يدعون فيها إلى احترام حقوق الآخرين وتجنب التفرقة وتعزيز الشراكة في الشهادة لمخلصنا وفادينا السيد يسوع المسيح. وتحتاج هذه الشراكة في كل بقعة من العالم حيث يعيش المجتمع الكاثوليكي الغربي والشرقي جنبًا إلى جنب إلى الغنى الروحي الذي يتمتع به الغرب والشرق، والذي يمكن للأجيال الشابة من الرهبان والراهبات والمؤمنين والمؤمنات والرعاة والراعيات أن يسترشدوا به استنادًا لما أكد عليه القديس يوحنا بولس الثاني: “تحتاج كلمات الغرب إلى كلمات الشرق حتى تُظهر كلمة الرب ثروات الكنيسة وتقاليدها الغنية بشكل افضل من أي وقت مضى. وستلتقي كلماتنا للأبد في القدس السماوية، لكننا نتضرع أن يتحقق مثل ذلك اللقاء أولا داخل الكنيسة التي ما تزال تسير نحو تحقيق ملكوت الله” (رسالة الرسولية، نور الشرق، 28).
فيما أستدعي بركات الرب أن تحل عليكم، أطلب منكم الصلاة لأجلي خاصة لأنني في غضون أيام قليلة سوف أحج إلى أرمينيا البلد الشرقي الذي كان من أول البلاد التي قبلتإنجيل السيد المسيح.
أشكركم من كل قلبي، وأرجو من السيدة العذراء أن تحميكم وترافقكم دائمًا.