التأسيس: تأسس الدير في القرن الخامس من العهد البيزنطي عام 484، على يد القديس سابا، الذي جمع حوله في البداية 70 ناسكاً فقط في هذا المكان المعزول. ثم تزايد عدد النساك الذين قصدوا الدير طلباً لحياة التنسك والتعبد حتى بلغ عددهم 5000 ناسك، مما جعل الدير أحد أقدم وأهم مراكز الرهبنة المأهولة في العالم المسيحي الشرقي.
نبذة عن الكنيسة وسبب التسمية: وُلد القديس سابا في كبادوكية (تركيا حالياً) عام 439. تخلى عن حياته الأسرية عندما كان في الثامنة من عمره، وانضم إلى الحياة الرهبانية في فلسطين، حيث تتلمذ على يد القديسين إفثيميوس وثيوكتيستوس. مع حلول عام 478، قادته رؤية إلهية إلى الموقع الحالي للدير الذي نسك فيه حتى وفاته عام 532. بعد ذلك بسنوات، نقلَ الصليبيون جثمان القديس إلى مدينة البندقية بإيطاليا، حيث بقي لأكثر من سبعة قرون، قبل أن يُعاد إلى الدير في عام 1965. ولا يزال جسد القديس مُسجّى فالدير في صندوق دون تحنيط.
لعب الدير دوراً هاماً في الحفاظ على التراث البيزنطي والديني عبر العصور، كما له أهمية كبيرة في ترجمة الأعمال اليونانية إلى اللغة العربية، مما جعله مركزًا ثقافيًا وفكريًا هامًا في المنطقة. أسس الدير حياة التنسك، وأشهرها (تنسك اللورا)، لذا يلجأ إليه الرهبان المتنسكون من كل أنحاء العالم. من أبرز الرهبان الذين عاشوا في الدير القديس يوحنا الدمشقي، الذي كتب العديد من الأناشيد والترانيم والطروباريات التي ما زالت تُستخدم في الطقوس الأرثوذكسية حتى اليوم.
للدير قوانين مختلفة عن كل الأديرة في العالم، حيث يجسد الدير حياة الرهبنة والتنسك القاسية، فيعيش فيه الرهبان في عزلة تامة، دون أي وسائل للتواصل والاتصال إلا في أيام وأوقات محددة، ولا يوجد كهرباء أو ماء، بل يعتمدون على أضواء الشموع، ويشربون من قنوات المياه الطبيعية التي تتدفق حول الدير. ومن أهم القوانين الخاصة التي تعكس طبيعة الحياة الرهبانية المتقشفة نجد أن الدير مخصص للرهبان الرجال الذين يعيشون في عزلة روحية، ولا يُسمح للنساء بدخول معظم مرافقه احتراماً للتقاليد الرهبانية المعتمدة منذ تأسيسه. مع ذلك، تم تخصيص برج قرب المدخل الرئيسي للزائرات، وهو المكان الذي استقبل فيه القديس سابا والدته خلال زيارتها.
التصميم المعماري: على مساحة كبيرة ومناظر خلابة، بُني الدير كتحفة معمارية على الطراز البيزنطي، في جبال فلسطين، على بعد كيلومترات من مدينة بيت لحم. يضم الدير كنيستين، بالإضافة إلى العديد من المغارات (110 مغارة منحوتة في الجبل)، الأبراج، الصوامع، والسراديب.
* الكنيسة الأولى: مكرسة للقديس نيقولاوس، وتم تدشينها في عام 491. يُعتقد أن موقع الكنيسة تم تحديده بناءً على رؤية رآها القديس سابا، حيث ظهر له عمود من النور امتد من الأرض إلى السماء. تحتوي الكنيسة على رفات الشهداء الذين قتلوا على يد الفرس عام 614.
* الكنيسة الكُبرى: شُيدت في عهد القديس سابا عام 502، وكُرست على اسم بشارة والدة الإله. تحتوي الكنيسة على رفات القديس سابا، وهي القلب الروحي للدير، حيث تُقام فيها الطقوس الدينية الرئيسية.
في حفل ضخم، يأتيه الحجاج من كل المناطق
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بذكرى إعادة رفات القديس سابا في 26 تشرين الأول من كل عام