كان جهاز الامن العام (“الشباك”) منذ حزيران هذا العام يمنع خروج آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية الى الاردن دون أن ينشر أمراً ودون أن يعلل سبب المنع الشامل ومعايير الممنوعين. وتفوق نسبة من رُفض خروجهم في الشهرين الاخيرين وأُعيدوا بأمر من “الشباك” من الحدود مع الاردن نسبتهم في السنة الماضية كثيرا وهي تزداد على الدوام منذ حزيران.
على حسب معطيات ادارة المعابر في الشرطة الفلسطينية، منعت السلطات الاسرائيلية في 2013 كلها خروج 1266 فلسطينيا الى الاردن (من بين نحو من 700 ألف انسان خرجوا الى خارج البلاد) – أي 0.18 بالمئة. وفي حزيران من هذه السنة مُنع خروج 1463 شخصا (من بين نحو 68 ألف مسافر) – أي 1.41 بالمئة. وكان عدد من رُفض خروجهم في أول اسبوع من آب 924 من بين 28348 مسافرا – أي نحو من 3.25 بالمئة.
أكثر المتضررين أكاديميون وطلاب جامعات ومن يعيشون ويعملون في خارج البلاد وجاءوا ليقضوا عطلة الصيف في الضفة، وحينما أرادوا الخروج من المناطق قيل لهم إنهم “ممنوعون لاسباب أمنية” – أي أن “الشباك” اتخذ القرار – وأن يتجهوا لاستيضاح متى يزول المنع في الادارة المدنية وفي مكتب الارتباط الفلسطيني. وسمع الذين ذهبوا للاستيضاح أنه يُمنع خروجهم حتى 1 آب، وحينما عادوا ليستوضحوا هل زال المنع، قيل لهم مرة اخرى إنهم ممنوعون الى 1 أيلول. والحديث كما يقول مصدر اسرائيلي عن قائمة جديدة تشمل 27 ألف ممنوع من الخروج على الأقل. وينبغي أن نذكر أن من تشملهم القائمة لم يُعتقلوا ولم يُحقق معهم كما يُعلم ولم يُستدعوا للتحقيق ايضا.
في حزيران مُنع سكان الخليل حتى سن الخمسين من الخروج من منطقتهم والسفر الى خارج البلاد مدة اسبوعين، وكان ذلك جزءً من البحث عن خاطفي وقاتلي طلاب المعهد الديني الثلاثة من غوش عصيون. وعلى حسب معطيات ادارة المعابر الفلسطينية، كان كثيرون ممن رُفض خروجهم في حزيران من منطقة الخليل في الحقيقة، لكن أصبح المرفوضون منذ تموز من أجزاء الضفة كلها. ولا يحاول المطلوبون من سلطات الامن الاسرائيلية أصلا الوصول الى جسر اللنبي والسفر الى الخارج – ومثلهم نشطاء سياسيون يعلمون أنه محكوم عليهم “بمنع خروج دائم لاسباب أمنية”، وكل سفر لهم يقتضي تنسيقا قبل ذلك مع الادارة المدنية.
إن معبر الكرامة (جسر اللنبي) هو مخرج الفلسطينيين الوحيد الى خارج البلاد، وهم الذين يُحظر سفرهم من مطار بن غوريون منذ سنة 2000. بعد التسجيل الأولي في ادارة المعابر الفلسطينية، في المنطقة خارج المعبر، يبلغ المسافرون الى المعبر نفسه حيث يوجد مراقبو الحدود الاسرائيليون، وممثلو منسق اعمال الحكومة في المناطق وجنود الجيش الاسرائيلي ومحققو “الشباك”. وفي هذه النقطة اذا استقر رأي بعض الجهات الاسرائيلية على منع الخروج يُعاد المسافرون.
إن محاولات صحيفة “هآرتس” الحصول على تفسير لهذه الظاهرة من “الشباك” ومن مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق لم تنجح. ومع ذلك قالت جهات في مكتب تنسيق الاعمال في بداية هذا الاسبوع لحنة بيرغ، نشيطة منظمة النساء الاسرائيلية “رقابة الحواجز”، إن المنع الشامل سيُلغى هذا الاسبوع. وقد توجه في الاسبوعين الاخيرين الى بيرغ عشرات الفلسطينيين الذين منع “الشباك” خروجهم من الضفة. وقال كل واحد منهم إنه في يوم منع خروجه من الجسر الى الجانب الاردني كان هناك عشرات آخرون حالهم كحاله أُعيدوا كما جاءوا.
وجاءت توجهات كثيرة اخرى ممن رُفض خروجهم الى “مركز حماية الفرد”، الذي عرّف المنع الشامل بأنه عقاب جماعي يخالف القانون. وكتبت داليا كيرشتاين، المديرة العامة للمركز في رسالة الى وزير الدفاع قالت فيها: “ليس واضحا ما هي الحاجة الامنية التي يخدمها هذا المنع الشامل”، وإن أمر تطبيقه لم ينشر قط كما هو مطلوب. وأضافت تقول إن “من الواجب على القائد العسكري أن ينشر الأمر الذي تُفرض بمقتضاه قيود من هذا النوع، وأن يُعلم السكان المتضررون بذلك وألا يُعتمد على صورة واقع من الميدان”.
حصل ب. وهو صحفي في الـ 34 من عمره في واحدة من وسائل الاعلام الموالية للسلطة الفلسطينية، حصل على جائزة اوروبية على عمله وكان يفترض أن يخرج الى مراسم الحصول على الجائزة وعدة لقاءات قبل اسبوعين، لكن مُنع خروجه، وقال إنه يحصل على تصاريح دخول لاسرائيل ولم يُعتقل قط ولم يكن نشيطا في منظمة سياسية ما، ولم يُمنع قط خروجه من جسر اللنبي الى خارج البلاد. “كنا وفدا فيه ستة مع تذاكر سفر مدفوعة وجولات وزيارات نُظمت مسبقا، لكنهم في الجسر منعوني ومنعوا شخصا آخر من المرور”، قال في حديث لصحيفة “هآرتس”. وكان معه في الحافلة 12 شخصا آخر مُنع خروجهم، وقال إنه كان في الحافلات التي أُعيدت قبل ذلك الى أريحا نحو من خمسين آخرين رُفض خروجهم.
على إثر استيضاحات بيرغ التفصيلية والمتوالية لدى الادارة المدنية ومكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق أُجيز بعد بضعة ايام خروج 12 شخصا ممن توجهوا إليها فيهم فنان يعمل في النرويج وجاء لعطلة، وطبيب قُبل للعمل في الولايات المتحدة وعالم رياضيات حصل على منحة لاتمام دراسته في اوروبا. “بدا الاشخاص يائسين”، قالت لصحيفة “هآرتس”. “فقد فاتتهم الرحلات الجوية وخسروا مالا وكانوا على خطر فقدان مكان عمل أو إضاعة منحة. وقد استوضحت في البداية بخصوص كل من توجه إلي، لكنني أدركت أن الحديث عن ظاهرة بعد نحو من ثلاثين متوجها في غضون ايام معدودة”.
في ظل الحرب في غزة لم يُثر منع خروج مئات الاشخاص الى الخارج كل اسبوع انتباها كبيرا، ويبدو أن السلطات الفلسطينية (مكتب الشؤون المدنية الذي يعمل مع الادارة المدنية) لا تعمل في إبطال ذلك الأمر. وقدّر الفلسطينيون أن تلك “عملية انتقام” خالصة زمن الحرب وأنها منع تعسفي ولهذا نجح عدد من الاشخاص في اسقاط المنع بالتوجه الى بيرغ أو الى الصحف.
قالت متحدثة سلطة السكان في وزارة الداخلية لصحيفة “هآرتس” إنه ينبغي الحصول على معطيات عن عدد الخارجين ومن يُرفض خروجهم من سلطة المطارات. وسلم متحدث سلطة المطارات معطيات عن الخارجين لكنه قال إنه ينبغي لمن يُمنع خروجهم أن يتجهوا الى وزارة الداخلية أو الى “الشباك” للحصول على المعطيات. وفي جواب عن سؤال “هآرتس” عن سبب المنع أجاب متحدث مكتب تنسيق اعمال الحكومة أنه ينبغي التوجه الى “الشباك” بيد أن “الشباك” لم يُجب عن اسئلة “هآرتس”.