البخيت يؤكد أن إصلاح الخطاب الديني بحاجة للذهاب إلى الدولة المدنية الديمقراطية مختصون: المناهج المدرسية “داعشية” تنفي الآخر وترفض المرأة أجمع مختصون على أن المناهج المدرسية من الصفوف الأولى حتى الثانوية العامة تحتاج إلى إعادة نظر، لأنها تحتوي على مواد “تنفي الآخر وترفض المرأة، وتعزز الفكر المتطرف”، فيما اعتبر بعضهم أن المناهج الحالية تحمل أفكارا “داعشية”.جاء ذلك في ورشة حوارية نظمها مركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية، ورعاها رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت، تحت عنوان “المناهج والكتب المدرسية”، وشارك فيها مسؤولون وتربويون وأساتذة جامعات وطلبة ومديرو مدارس. وقال البخيت في مداخلة له إن “إصلاح الخطاب الديني بحاجة في المقام الرئيس إلى الذهاب إلى الدولة المدنية الديمقراطية، مع بقاء التدين الفطري الواعي، وإبقاء الخطاب الإسلامي المعتدل”. وأضاف أن “الأردن جزء من منطقة تشهد مرحلة صراع مذهبي وطائفي، ولدينا آلاف الشباب الذين يحملون أفكارا متشددة”، موضحا أنه “لا يعول على المؤسسة الدينية وحدها للتعامل مع هذه الفئة لسبيين؛ لأن المتطرف والخطباء وأئمة المساجد يأتون وهم يحملون أفكارا مسبقة، ويبدأون بالتراشق بتفسيرات للأديان، ويسندون أفكارهم بأحاديث ضعيفة أو قوية، والثاني أن أصحاب الفكر المتطرف يكفرون أساسا أئمة المساجد، فكيف سيقتنعون بهم”. وقال: “أعتقد أنه يتوجب أن نبدأ بجيل الصغار في رياض الأطفال ومراحل التعليم الأولى، باشتراط تطوير المناهج بالتركيز على قيم الإسلام من تسامح واعتدال، وقبول الآخر، وكذلك عبر الثقافة بجميع أدواتها ووسائلها”.وقال إن “وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات أخبره أنه عند مراجعة مناهج الصفوف الثلاثة الأولى، أنه وجد فيها مواد تنحو نحو التشدد بدلا من الاعتدال”. وقدر وجود نحو 10 آلاف شخص “يحملون أفكارا متشددة، منهم ما بين 2 إلى 4 آلاف يحملون أفكارا تكفيرية”، مؤكدا أنه “لا يعول على المؤسسة الدينية وحدها للتعامل مع هذه الفئة”.ودعا البخيت للتعامل مع التيار المتطرف بمسارين، “الأول مناصحته والثاني بتطبيق وتفعيل القانون”، مؤكدا أنه بات من الضروري “غربلة المورث الديني وحذف الكثير منه، لأن بعضها من الإسرائيليات”. وأضاف أنه “عبر التاريخ، وعندما كان الاعتدال سائدا، ظهرت شخصيات كثيرة تعاملت مع العقل، إلا أن قوى الظلام غيبت تلك الأفكار التنويرية، واستحضرت غيبيات وشوهت الآخر ورفضته، وهذا ما نعاني منه حاليا”. بدوره، شدد رئيس المركز العين بسام حدادين على أهمية “قرع الجرس في المواضيع المسكوت عنها، ووضع المناهج التعليمية والكتب تحت سقف التبصر والفحص”، معتبرا أن إصلاح التعليم “طالما كان هدفا للإصلاحيين، لكن وزارة التربية كانت مخطوفة وتهيمن عليها عقليات رجعية محافظة تنتمي إلى الماضي السحيق، وعلى خصومة مع الحاضر والمستقبل والحضارة المعاصرة”. وشارك في الجلسة الأولى التي أدارها الوزير الأسبق إبراهيم بدران، مختصون، منهم مديرة المناهج في وزارة التربية والتعليم وفاء العبداللات، والخبير التربوي حسني عايش، والخبير التربوي ذوقان عبيدات. وشدد بدران على أهمية الدخول في برامج عملية حوارية بعيدا عن التنظير في مجال التربية والتعليم، والمناهج. بدورها، استعرضت العبداللات التطوير الذي أصاب المناهج المدرسية وطرق اعتماد الكتاب المدرسي، لافتة الى أن الكتاب مصدر للمعرفة، ولكن هناك عوامل أخرى مساعدة أبرزها المعلم الذي تقع عليه أعباء تطوير المنهاج من خلال المشاركة في الإعداد واستخدام التكنولوجيا. ونوهت إلى أن الوزارة بدأت خطوات تطوير الكتب المدرسية، وتم البدء بتأليف كتب مدرسية للصفوف الثلاثة الأولى، وقامت الخطة على إضافة 6 حصص إلى تلك الصفوف، وتفعيل حصة الفن والتربية الرياضية والتركيز على نقاط أساسية، أبرزها نظم القيم، مثل الصدق واحترام الآخر والحقوق والواجبات والمواطنة والعمل التطوعي. ونفت أن تكون مناهج الوزارة محتوية على أفكار “داعشية”، مؤكدة أنها تقوم على احترام الثقافات والأديان الأخرى والمرأة والنوع الاجتماعي. من جهته، قال عايش إن الطريقة التي تعتمدها الوزارة “ما زالت هي ذاتها لم تتغير، وهي وضع المسؤولية بشكل دائم على المعلم، دون الإيمان بأنها مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المدرسة والأسرة والمجتمع”. وأضاف أن “مشكلتنا تكمن في كيفية إيصال المبادئ والمثل وجعلها تترجم في سلوك الطلبة، ولذلك فإن المهم هو توصيل الرسالة، ونحن حتى الآن لم نتعلم أن نستخدم النشاطات الأخرى، وطرق إيصال رسالتنا”. ونوه إلى أنه “بعد ظهور وسائل الاتصال والخلوي باتت المعلومات ليست ذات قيمة ما لم تتحول إلى معرفة”، لافتا إلى أنه “يتوجب إلغاء فكرة الامتحانات والذهاب لفكرة التقييم، وأن الطفل ليس مادة خامة كما يقال دوما، وإنما هو قادر على التعلم بشكل غير محدود قبل الذهاب للمدرسة”. بدوره قال عبيدات إن هنالك “غيابا للرقابة على المؤلفين، إذ إن تشكيلة مجلس التربية لا تسمح لأي عضو بقراءة أي كتاب، فيما هناك دراسات تقول إن المنهاج الدراسي بحاجة إلى 18 شهرا، وليس إلى 9 أشهر لتدريسه كما هو حاصل الآن”. واعتبر أن “السلوك الداعشي” في مناهجنا يتموضع في محورين؛ “الأول غياب الفن والموسيقى والتفكير المنطقي العلمي، والثاني الحديث المتواصل عن الجهاد وما ينتظر المجاهدين في الآخرة، وأن المسلم مطالب بالجهاد في كل ربوع الدنيا، والحديث المتواصل عن عذاب القبر والجنة والنار وتغييب القانون، والإكثار من الكلام عن إطاعة الزوجة للزوج، دون أن يتم الحديث عن الزوجة كإنسان”. ودعت الباحثة دلال سلامة في الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عماد الحطبة حول الكتب المدرسية والمناهج التي تنفي الآخر، الوزارة الى “الالتفات إلى إنجاز محتوى تعلمي يكرس ثقافة التسامح الديني وقبول الآخر”.وقالت إن المدرسة والمنهاج “يتوجب أن يكونا انعكاسا للعالم وليس انعكاسا للحي أو المنطقة الضيقة”، لافتة الى أنه “لا توجد أي إشارة لوجود دين مسيحي لدينا إلا في صورة واحدة في أحد الدروس”. وأشارت الى أن الكتب المدرسية “يغيب عنها واقع التنوع الديني، وتتعامل مع الإسلام باعتباره حقيقية وحيدة، وتطرح التعايش بوصفة قيمة إيجابية ولكنها قيمة خاصة بالمسلمين”. وتحدث الدكتور عامر الحافي عن الكتب المدرسية، معتبرا أن المشكلة “وجود أزمة حضارية وثقافية وإلغاء التفكير الحر”، منوها الى أن ذلك “لا تتحمله الوزارة وحدها وإنما هو نتيجة طبيعة في ظل الواقع العربي المأزوم”. وقال: “لدينا خطاب ملغوم نعيد إنتاجه ونجده في كتب المدرسة والجامع”، موضحا “أننا لا نجد شخصا يوزع كتب الغزالي مثلا، ولكننا نجد من يوزعون كتبا لمتشددين وغلاة، والمشكلة ليست في الدين وإنما في أنماط متخلفة لفهم الدين”. ونوه إلى أن منهاج التفكير في الكتاب المدرسي “منفي بشكل واضح، وأن صلح الحديبية مثلا كان فرصة لكي يتم الحديث عن قيم الإسلام والتصالح وأهميته، وأن يقال للطالب إن الإسلام ليس دين قتل وتقطيع أشلاء وكفى”. |