الأخبار

مسيحيو العراق طوائف مهددة تدفع الى الهجرة والمنفى

بغداد-  (أ ف ب) – يشكل مسيحيو العراق الذين فر عشرات الآلاف منهم الخميس بعد سيطرة متطرفي تنظيم “الدولة الاسلامية” على عدة مدن في شمال العراق، مجموعة مهددة وهاجر عدد كبير منهم البلاد في السنوات الاخيرة.

واعلن رجل دين مسيحي عراقي ان المسلحين الاسلاميين المتطرفين سيطروا الخميس على مناطق المسيحيين في محافظة الموصل (شمال) واجبروا عشرات الاف منهم على الفرار.

واعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس ساكو وهو ابرز رجل دين مسيحي في العراق لوكالة فرانس برس الخميس ان “نحو مئة ألف مسيحي نزحوا بملابسهم وبعضهم سيرا على الاقدام للوصول إلى مدن اربيل ودهوك والسليمانية الكردية” محذرا من انهم يواجهون خطر الموت في حال عدم تامين الطعام والمأوى لهم.

واضاف ان “هذا النزوح الجماعي يضم اشخاصا كبار السن ومرضى واطفال وحوامل. هؤلاء الاشخاص معظمهم في العراء”. وقال “انها كارثة انسانية. كنائسهم احتلت، وانزلت صلبانها وتم احراق نحو 1500 مخطوطة”.

من جهته، قال يوسف توما رئيس اساقفة كركوك والسليمانية لوكالة فرانس برس “انها كارثة، الوضع ماساوي، ونحن نناشد مجلس الامن التدخل الفوري” مضيفا ان “عشرات الالاف من السكان المذعورين هربوا، وفي اللحظة التي نتحدث بها الوضع لا يمكن ان يوصف”.

وقال رجل الدين ان “مدن تلكيف وقره قوش وبرطلة وكرمليس خلت بشكل نهائي من سكانها المسيحيين وان النازحين يسلكون الطرق ويستقلون مركبات للوصول الى نقطة التفتيش في اربيل للدخول اليها”.

وكان تنظيم داعش المتطرف الذي يسيطر على الموصل منذ حزيران/يونيو وجه منتصف تموز/يوليو انذارا يمهل المسيحيين الذين يشكلون اقلية بضع ساعات لمغادرة مدينتهم والا سيكون مصيرهم التصفية. وكان قد خيرهم بين “اعتناق الاسلام” او “عهد الذمة” اي دفع الجزية، مهددا بانهم “ان ابوا ذلك فليس لهم الا السيف”.

وقبل الاجتياح الاميركي في 2003 كان عدد المسيحيين في العراق يزيد عن المليون منهم اكثر من 600 الف في بغداد و60 الفا في الموصل، لكنهم كانوا موزعين ايضا في مدينة كركوك الغنية بالنفط (شمال) ومدينة البصرة في الجنوب.

لكن بسبب اعمال العنف الدامية التي هزت البلاد منذ ذلك الحين لم يعد عددهم يربو اليوم عن اربعمئة الف في كل مناطق العراق، نصفهم في نينوى التي تعد الموصل عاصمتها.

وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو قال لوكالة فرانس برس “لاول مرة في تاريخ العراق، تفرغ الموصل الان من المسيحيين”، مضيفا ان “العائلات المسيحية تنزح باتجاه دهوك واربيل” في اقليم كردستان العراق.

وقال ساكو ان مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 الف شخص لثاني اكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم “الدولة الاسلامية” بيانا يطالبهم بمغادرتها.

وقبيل موجة النزوح من الموصل، شهد العديد من القرى القريبة من هذه المدينة الاستراتيجية حالات نزوح كبيرة لسكان مسيحيين خوفا من دخول المسلحين المتطرفين اليها، وبينها بلدة برطلة المسيحية التي يعيش فيها نحو 30 الف شخص وتقع الى الشمال من الموصل.

وبحسب التقاليد دخلت المسيحية الى العراق مع القديس توما الرسول اواخر القرن الاول بعد المسيح. والاكثر ترجيحا ان المسيحية في هذه البلاد تعود الى القرن الثاني بعد المسيح.

والكلدان يمثلون الغالبية العظمى من مسيحيي العراق، والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية التي تتبع الطقوس الشرقية تعد اكبر الكنائس المسيحية في هذا البلد. كما تعتبر الكنيسة الكلدانية التي تعتمد اللغة الارامية — لغة يسوع المسيح — من اقدم الكنائس المسيحية. وهي منبثقة عن العقيدة النسطورية التي تخلت عنها في القرن السادس عشر مع الاحتفاظ بشعائرها. اما بقية الكاثوليك فهم السريان الكاثوليك والارمن الكاثوليك وكنيسة الكاثوليك اللاتين.

ومن بين المسيحيين من غير اتباع المذهب الكاثوليكي الاشوريون (النساطرة) الاكثر عددا فيما تتوزع البقية بين السريان الارثوذكس او الارمن الارثوذكس.

وفي ظل نظام صدام حسين لم يكن المسيحيون يعتبرون مكونا خطرا لانه لم يكن لديهم طموحات سياسية كبيرة. لكن بعد الغزو الاميركي اصبحت البلاد ساحة معركة بين المتمردين والقوات الاجنبية.

ثم استهدفت الطوائف المسيحية التي ربطت ب”الصليبيين” الغربيين باعمال عنف طائفية تلت ذلك.

وخلال عشر سنوات هوجمت 61 كنيسة وقتل نحو الف مسيحي، لكن ليس جميعهم في هجمات استهدفتهم مباشرة، بحسب بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو. والاعتداء الاكثر دموية وقع في 31 تشرين الاول/اكتوبر 2010، عندما قضى 44 مصليا وكاهنان في الهجوم الذين شنه تنظيم القاعدة في العراق والشام على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد.

وفي نيسان/ابريل الماضي تحدث البطريرك ساكو في مقابلة عن تنامي التطرف الديني وتوجيه تهديدات بالموت الى المسيحيين واستيلاء عصابات مسلحة على ممتلكاتهم ما دفعهم الى هجرة بلادهم.

Print Friendly, PDF & Email
Shares: