عمّان – الغد الأردنية – أكد جلالة الملك عبدالله الثاني على ضرورة حماية جميع الطوائف الدينية ذات الوجود التاريخي والأصيل في منطقتنا، وخاصة الهوية المسيحية.
وقال في حديث شامل أجرته مع جلالته رئيس التحرير المسؤول في “الغد” الأردنية الزميلة جمانة غنيمات، إن الاسلام بريء جملة وتفصيلاً من الاضطهاد الذي تشهده المجتمعات المسيحية العربية الأصيلة في الموصل، وجدد جلالة الملك التحذير من خطورة استغلال الدين لأغراض سياسية، وضرورة نبذ خطاب العنف الطائفي والفرقة المذهبية، كما شدد جلالته على ضرورة حماية جميع الطوائف الدينية ذات الوجود التاريخي والأصيل في منطقتنا، وخاصة الهوية المسيحية.
وفيما يلي النص الكامل للسؤال:
• جلالة الملك، حذرتم مراراً من خطر الحروب الطائفية في المنطقة، ومن الاتجاهات الدينية المتطرفة والتكفيرية. هل المنطقة تذهب اليوم في هذا الاتجاه، وهل سيتحكم المتطرفون من مختلف الطوائف والمذاهب بمصير شعوبها؟
– أخطر الحروب في التاريخ هي الطائفية والمبنية على رفض الآخر لأنها تمزق النسيج الاجتماعي للدول وتؤدي إلى تفكيك مؤسساتها والعودة إلى هويات فرعية هدّامة لا تؤمن بالتعددية والتنوع وقبول الآخر. يجب على عقلاء الأمة والإقليم أن يتوحدوا في موقفهم وألا يسمحوا للمتطرفين بمصادرة مصير المنطقة ومستقبل أجيالها والاستمرار في تعطيل طاقاتها. ومن هنا جاءت مبادراتنا الداعمة للحوار بين الأديان والمذاهب والتي تتبنى قيم الاعتدال والعيش المشترك، وتستند إلى الإسلام الحنيف وتبرز صورته الحقيقية، وذلك انطلاقا من إيماننا كهاشميين بأننا للجميع وعنصر توحيد لا تفتيت. وهذه المبادرات المتمثلة في رسالة عمّان، وكلمة سواء، وأسبوع الوئام العالمي بين الأديان، والمؤتمر العام الأخير لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي، ومؤتمر التحديات التي تواجه المسيحيين العرب، هي أمثلة للقيم التي يؤمن بها الأردن والجهود التي يبذلها استجابة لتحديات توقعناها وحذرنا من تسارعها ولمكافحة فكر ظلامي بفكر مستنير مبني على تراثنا التعددي الذي يعكس صورة الإسلام الحنيف الناصعة.
وهنا نجدد تحذيرنا من خطورة استغلال الدين لأغراض سياسية، وضرورة نبذ خطاب العنف الطائفي والفرقة المذهبية، والنهوض بمجتمعاتنا العربية والإسلامية بالمشاركة لا المغالبة، وتبني قيم الديمقراطية والشورى التي تمثل جوهر الإجماع السياسي في الإسلام.
وأشدد أيضاً هنا على ضرورة حماية جميع الطوائف الدينية ذات الوجود التاريخي والأصيل في منطقتنا، وخاصة الهوية المسيحية العربية التاريخية، وصون حريات العبادة، حتى لا تترسخ النظرة السلبية والانعزال بين أتباع الديانات والمذاهب، محذرين مما نشهده من اضطهاد ديني أعمى، كان آخره الاضطهاد المستمر الذي نشهده الآن ضد المجتمعات المسيحية العربية الأصيلة في الموصل، والإسلام من ذلك براء جملة وتفصيلا.
وهناك مسؤولية تاريخية على جميع دول المنطقة، بمؤسساتها الدينية الرسمية والأهلية والثقافية والتعليمية والإعلامية بالإضافة إلى الحركات الإسلامية المعتدلة الراشدة، لبلورة موقف واضح ضد الحركات المتطرفة والتكفيرية ضمن مسؤوليتها الدينية والتاريخية في محاصرة التطرف وتحصين الشباب بوعي ديني مستنير ومعتدل.