قال رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، الدكتور رمزي خوري أن العمل جارٍ بالتنسيق مع الأردن لإجراء جولات على مختلف الكنائس والجهات المؤثرة في العالم بهدف وقف العمل على تهويد المدينة المقدسة وتثبيت الوجود الفلسطيني.
وأوضح خوري في مقابلة أن أبرز التحديات التي تواجه السلطة الوطنية الفلسطينية والأردن بعد فوز رئيس وزراء الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو هو مزيد من المضايقات والمصادرات للأراضي الفلسطينية وتحقيق قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهويد القدس وإلغاء وجود اللاجئين الفلسطينيين وتغيير ديمغرافية المكان وبناء مزيد من المستوطنات لتنفيذ ما يعرف بصفقة القرن.
وأكد أن السلطة تقف صفا واحداً مع الأردن و«سنقف ضد كل المحاولات للمساس الوصاية الهاشمية الأردنية» عن المقدسات، لكون البلدين يواجهان مصيرا واحدا، كما أنهما يتعرضان لمضايقات اقتصادية كبيرة بهدف الضغط عليهما لقبول صفقة القرن.
كما أكد أن السلطة مع الوصاية الهاشمية وضد أي محاولات للمساس بها، وهذا موقف الرئيس والشعب في مواجهة صفقة القرن، وهناك اجتماع المجلس المركزي قريبا لتقييم الوضع والتطورات وممكن أن تصل إلى حد الانفصال عن إسرائيل، وخطتنا مع الأردن أننا في موقف ثابت وهو الدفاع عن المقدسات والأرض وتثبيت الوجود المسيحي والاسلامي في القدس.
وتاليا نص المقابلة:
بعد فوز نتانياهو، ما المتوقع بعد تشكيله للحكومة
المزيد من التهويد والمضايقة لأنه يريد طرد الفلسطينيين كافة من القدس، وسيستمر في سياسة التطهير العرقي التي ينتهجها منذ احتلال المدينة المقدسة.
وهو ما يتفق مع صفقة القرن وبخاصة بعد قرار ترمب تهويد القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها مع مواصلة الإدارة الأميركية الضغط على الدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين، الى جانب تشريعه للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد كل ذلك، ماذا بقي للشعب الفلسطيني؟ وكذلك اعتراف ترمب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.
وباختصار يريدون تصفية القضية الفلسطينية، لكن شعبنا يرفض كل هذه المخططات، بمساندة قوية من المملكة الأردنية الهاشمية وعلى رأسها جلالة الملك والحكومة الأردنية، ونؤكد تقديرنا الكبير لكل تلك الموافق الشجاعة والصلبة التي ترفض صفقة القرن، ونثمن الوصاية الهاشمية على مدينة القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية.
ما التحديات التي تواجه الكنائس بالقدس؟
هناك الكثير من التحديات، من أبرزها محاولات إسرائيل فرض ضريبة على الكنائس، حيث أفشل المواطنون ذلك، وقاموا بإغلاق أبواب كنيسة القيامة لأول مرة في التاريخ احتجاجاً على الضريبة.
وما هي مساوئ فرض الضريبة على الكنائس؟
الكنائس تقدم الكثير من الخدمات للمستشفيات والمدارس والملاجئ وهذا سيحدّ من قدرتها على تقديم هذه الخدمات، والهدف من تلك الضغوط هو تنفيذ ما يخطط له ما يسمى بالمحافظين الجدد حيث حرفوا الكتاب المقدس، مما أدى إلى تشويه الدين المسيحي وزيادة التطرف، وهذا ما يجب الانتباه إليه.
ونحن في اللجنة الرئاسية العليا، نهدف من زياراتنا ولقاءاتنا إلى القضاء على هذا الفكر، لمنع تحويل الصراع إلى صراع ديني، لاعتقادهم بعودة المسيح المنتظر، وقد زرنا أميركا والبرازيل وبريطانيا لتوضيح هذه المخاوف وزرنا كذلك بطريركيات كثيرة هناك، وطلبنا من البطاركة موقفا موحدا تجاه تلك الأفكار غير الصحيحة.
كما ان هناك مبادرة من الفاتيكان والأزهر لبناء مجتمع مسيحي مسلم غير متطرف، ويجب توعية المجتمع بهذه المبادرة ودعمها لمنع التفريق بين كنيسة أو مسجد او معبد يهودي.
نتنياهو مدعوم من أميركا وعدة دول، وفي حال حاول مرة أخرى فرض الضريبة على الكنائس، فهل من الممكن إغلاق كنيسة القيامة مرة أخرى؟
لن نسمح بحدوث ذلك ولن نسكت عليه وسنتصدى له حتماً مهما حدث بالتعاون والتنسيق مع الأردن والمواطنين.
ونعمل على إيجاد فرص عمل وتثبيت الناس على الأرض، وسنبقى صامدين عليها ونقاوم كل شيء، ولن نغادرها أبدا، وسنبقى نحافظ على الكنائس مهما كلف الأمر.
ما الحل للوضع القائم ووقف استمرار المساس بالكنائس؟
كما قلنا «الستاتيكو» الوضع القائم يحافظ على هذه الكنائس، ونقوم الآن بدعم الاسكانات للأزواج الشابة في بيت لحم وبيت جالا بالتنسيق مع البطريركية المقدسية للمحافظة على هؤلاء الأزواج وتثبيتهم في مدنهم وقراهم.
و«الستاتيكو» هو قانون الوضع الراهن، صدر عن الدولة العثمانية التي كانت تحكم القدس والبلاد العربية عام 1852 ويقوم على تثبيت حقوق كل طائفة وجماعة دينية كانت موجودة في القدس دون السماح بإحداث تغيير فيما كان عليه الوضع منذ ذلك التاريخ.
تهدد اسرائيل بسحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ما دوركم للوقوف بوجه هذا التهديد؟
نحن الفلسطينيون مع الوصاية الهاشمية، ونحن ضد أية محاولات للمساس بها، وهذا موقف الرئيس والشعب الفلسطيني، واللجنة الرئاسية مع هذا الموقف وضد صفقة القرن.
وتجري تحضيرات موحدة ومشتركة بين الأردن وفلسطين لمواجهة ذلك. وهناك اجتماع قريب للمجلس المركزي الفلسطيني وسنقوم بتقييم الوضع، والوقوف عند كل هذه التطورات، واتخاذ القرارات المناسبة للتصدي لجميع المخططات وفي مقدمها صفقة القرن.
وهناك دائما تنسيق عالي المستوى بين الرئيس محمود عباس وجلالة الملك عبد الله الثاني، لمواجهة كل تلك التحديات، والدفاع عن المقدسات والأرض وتثبيت الوجود المسيحي والإسلامي في مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.
كيف تأسست اللجنة الرئاسية، ومتى؟
تكونت فكرة تأسيس اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس مع انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني عام 1996 في مدينة غزة، حيث كلّف الشهيد القائد ياسر عرفات «أبو عمار» حينها، لجنة مصغرة تكون مهمتها وضع الأسس اللازمة لتشكيل هيئة أو لجنة لمتابعة شؤون الكنائس، وضمت اللجنة المصغرة حينذاك المرحوم اميل جرجوعي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومتري أبو عيطة، وزير السياحة الأسبق، والدكتور رمزي خوري بصفته مسؤولاً عن مكتب «أبو عمار» في ذلك الوقت.
واجتمعت تلك اللجنة وبدأت بالعمل ومتابعة مهمتها التي كُلفت بها، وقامت بالكثير من الزيارات المنظمة لعدد كبير من الكنائس مثل: أنطاكيا وقسطنطينه وكنائس لبنان، إلى جانب الجولات التحضيرية والإعداد لاحتفالات أعياد الميلاد، وكان أبرزها ذلك الاحتفال الذي نظم في مدينة بيت لحم عام 2000، والذي تم بطريقة جميلة ورائعة، وحضره 14 من البطاركة الأرثوذكس واللاتين، بمشاركة الأخ الشهيد القائد ياسر عرفات، ووزير الداخلية الأردني ممثلا عن جلالة الملك.
وبعد ذلك الحدث، كان التطور الأبرز، حيث صدر مرسوم رئاسي لأول مرة من الرئيس أبو مازن، بتشكيل لجنة رسمية تعنى بمتابعة شؤون الكنائس، وتوفير كافة الاحتياجات والإمكانات للقيام بعملها، وكان لذلك معانٍ كبيرة طيبة الأثر، ودلالة غاية في الأهمية للرعاية والاهتمام من قبل دولة فلسطين بالأماكن المقدسة: مثل كنيسة المعجزة في برقين، وكنيسة والقيامة وكنيسة الخضر في بيت لحم، كما هو ذاته الاهتمام والرعاية في الأردن.
ما هي مهام اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس؟
حماية «الستاتيكو»، وهو ما يعني تنظيم العمل الكنائسي في بيت لحم وغيره من المدن المقدسة، وتنظيم الاحتفالات بالأعياد الرسمية والدينية باعتبارها أعياداً رسمية في فلسطين، تعطل بمناسبتها المؤسسات والدوائر الرسمية والخاصة كافة.
ودعم المؤسسات التابعة للكنائس، كتجديد المدارس، وتجهيز القاعات للأفراح والأتراح وتجديدها في بيت لحم وبرقين وكافة الكنائس، ودعم النوادي التابعة للمؤسسات الكنسية، ومتابعة كافة قضايا الكنائس بتعليمات من الرئيس أبومازن.
وتتابع اللجنة جميع الأحداث وبخاصة ما يتصل بالاعتداءات على دور العبادة في مختلف أنحاء العالم، وإصدار موقف رسمي تجاهها من اللجنة وتدين كل الاعمال الارهابية منها الحريق الذي طال كنيسة نوتردام في فرنسا، حيث تم إرسال رسالة لوزارة الخارجية الفرنسية عبرنا فيها عن تضامننا معهم.
وتم إصدار بيان رسمي عبرنا فيه عن إدانتنا واستنكارنا للعمل الإرهابي الذي تم ضد المصلين في مسجدين في نيوزيلندا. وإرسال برقية استنكار لما حدث في سريلانكا من تفجيرات إرهابية طالت ثلاثة كنائس وثلاثة فنادق.
وقال قمنا كلجنة الكنائس بزيارة قبل أسبوع الى سوريا ولبنان، حيث عقدنا لقاءات مع البطرك الراعي المطران عودة، ومع وزير الأوقاف السوري.
وكان الهدف من الزيارة التأكيد على الوجود المسيحي في المشرق بالأخص القدس، لأن هناك محاولات مستمرة من قبل اسرائيل لتهجير المسيحيين بقانون ما يسمى «القومية العنصري» لأن اليهود يعتبرون غير اليهودي، أكان مسيحيا أو مسلما، مواطنا من الدرجة الثانية في دولة الاحتلال، وهذا حتما سيؤدي الى صراع ديني مستقبلا.
وللأسف الشديد، نرى أن العالم صامت حيال هذا التمييز، وأكثر دولة تصدت لهذا القانون هي الأردن، مؤكدا أن قضيتهم هي رعاية كل الديانات من مسلمين ومسيحيين ويهود، والمسيحيين السمرة موجودون في نابلس، والوقوف بوجه الانتهاكات والاعتداءات ضد الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية.
ممارسات دولة الاحتلال
ما هي الممارسات العدوانية التي تمارسها دولة الاحتلال الصهيوني ضد المسيحيين والأوقاف المسيحية في الأراضي المحتلة؟
يقوم الاحتلال الإسرائيلي والمتطرفون اليهود بالاعتداء على الرهبان والأقباط والأملاك في بيت جالا وباب الخليل ويخطون شعارات عنصرية على الكنائس وكسر الصلبان والاعتداء على المسجد الأقصى ومنع الصلاة في باب الرحمة.
كما أدى بناء الاحتلال الإسرائيلي لجدار الفصل العنصري الى فصل مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح عن شقيقتها مدينة القدس، ومنع المواطنين في المدينتين الفلسطينيتين من التواصل، وحدَّ كثيرا من حركتهم، وبذلك فقد أغلق ممرا رسميا مقدسا بين المدينتين المقدستين.
وكذلك سحب هويات المقدسيين ومنع لم الشمل وضغط الضرائب بشكل مستمر لزيادة العبء على السكان لإجبارهم على هجر مدينة القدس، حيث فقدت 52 عائلة مسيحية مؤخرا أراضيها لصالح مستوطنة غيلو.
ورسالتنا كلجنة هي المحافظة على الكيان المسيحي في القدس، وهو نفس الموقف الأردني لأنه موقف واحد ونشاط اللجنة يكون بالتنسيق مع الجانب الأردني، حيث اطلعنا الأمير غازي أثناء زيارتنا له على نشاطات اللجنة.
وبمناسبة هذه الأعياد المجيدة، أتقدم بالتهاني الحارة لأبناء الشعب الأردني وأبناء شعبنا الفلسطيني الصامد بحلول الجمعة الحزينة وسبت النور.