في السلطة الفلسطينية يمكنهم أن يرفعوا شارة نصر كبيرة في ختام زيارة البابا فرنسيس الى بيت لحم أمس. فالتغطية الاعلامية الواسعة التي رافقت الزيارة وفرت فرصة كبيرة للناطقين بلسان السلطة لنقل رسائلهم بالذات في هذا الوقت من الازمة في المسيرة السياسية. ولكن فضلا عن ذلك، لا شك أن البابا أعطى ريح اسناد للفلسطينيين في المعركة الاعلامية التي يخوضونها في الاشهر الاخيرة.
فقراره الطيران من عمان مباشرة إلى بيت لحم دون الهبوط في مطار بن غوريون اعتبره الجمهور الفلسطيني نوعا من الاعتراف بدولة فلسطين والسيادة الفلسطينية، ولكن الخطوة الأهم والأكثر سياسية في الزيارة كانت الصلاة التي قام بها البابا قرب جدار الفصل في الطرف الشمالي من بيت لحم. في قرار مدروس خرج البابا عن البروتوكول، نزع من السيارة المفتوحة التي نقلته الى القداس، وقف امام الجدار وقام بصلاة قصيرة. عن الجدار ومعناه بالنسبة للفلسطينيين سمع قبل وقت قصير من ذلك من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). أما مضمون الصلاة فلم يسمعها أحد، ولكن واضح أن موقفه منه لم يكن ايجابيا وفي غضون دقائق لعبت صورته وهو يصلي امام الجدار دور النجم في مواقع الاخبار في ارجاء العالم.
جانب ثالث هو اللقاء مع الجمهور والاتصال المباشر مع مؤمنيه، بمن فيهم عائلات كادحة ونازحون من قريتي إقرث وبرعم الذين يكافحون في سبيل حقهم للعودة الى قريتيهم، ويتوقعون بأن يطرح رئيس الكنيسة الكاثوليكية المسألة في لقائه اليوم مع رئيس الوزراء نتنياهو.
في إسرائيل خافوا على الأمن الشخصي للبابا حتى كادوا يخفوه تماما عن جمهور مؤمنيه، العرب المسيحيين مواطني إسرائيل. كل من تجول أمس في المناطق التي كان يفترض أن يزورها فرنسيس في القدس لاقى أساسا شرطة ورجال أمن مسلحين من أخمص القدم حتى الرأس. أما من حظي بتلقي مباركة من البابا وأن يحضر الاحتفالات فليسوا سوى الشخصيات التي دُعيت، بمن فيهم مندوبو السلك الدبلوماسي في إسرائيل وضيوف مشكوك اذا كان بوسعهم أن يعبروا عن مشاعر جمهور مؤمنيه.
عجوز مقدسية التقيتها صدفة في أزقة البلدة القديمة كانت واحدة من أولئك الذين لم يسمح لهم بالاقتراب من الاحتفال في كنيسة القيامة مع البطريرك الارثوذكسي ولم تخفِ غضبها. “قالوا لي إنه ممنوع الخروج من البيت وكأنني أنا التي أهدد حياة البابا”، قالت بتهكم.
في إسرائيل صدوا الانتقاد وادعوا بان هذه حراسة ضرورية، ولكن يحتمل أنهم نسوا هناك أن في نهاية المطاف، البابا معني بلقاء المؤمنين وليس أفراد الشرطة.