في تونس، الذي تجرا ونزع علم تنظيم جماعه متطرفه من فوق مبني كلية الآداب والعلوم الإنسانية، لم يكن صبيا، بل فتاه تونسيه، خوله الرشيدي التي تصدت لعناصر سلفيه متطرفه وحافظت علي العلم التونسي مرفرفا.
والذي وقف ضد وزير العدل في الحكومه وافشل مشروعه، لم يكن رجلا، بل القاضيه كلثوم كنو، رئيسه جمعيه القضاه التونسيين، التي شنت حمله ضد الوزير المنتمي الي حزب النهضه، ونجحت في منعه من اخضاع القضاء لاغراض جماعته وحزبه. في القضاء، افشلت النساء مشاريع «النهضه» التغييريه، مثل القاضيه روضه القرافي، وكذلك القاضيه روضه العبيدي، التي تتبوا رئاسه نقابه القضاه. لهذا عجزت الجماعات عن تغيير الوضع في تونس، ولا تزال تونس البلد العربي الوحيد الذي يمنع الزواج تحت سن 17، ويحظر التعدد، ويجيز الاجهاض، وحتي في ظل وجود «النهضه» الاسلامي علي راس السلطه وافق البرلمان، ودون اعتراض الاعضاء الاسلاميين، علي المساواه في الميراث، وغيرها. لم يكن بيد المتطرفين مواجهه المد الاجتماعي المدني، تتقدمه فئه النساء، اللاتي يقُدن الكثير من الجمعيات والمؤسسات المختلفه. هذا يُبيّن صلابه الارضيه التي بُنيت في العقود الماضيه، ويفسر لماذا فشل المتطرفون في تونس، ونجحوا في دول ثورات الربيع العربي الاخري.
في تونس قائمه طويله للنساء الفاعلات في مجالات مهمه، مثل القضاء والمحاماه والعمل السياسي. هناك سهير بلحسن رئيسه فيدراليه الدوله لحقوق الانسان، واجهت الحكومه واتهمتها بالفاشيه، وان حزب النهضه يمثل خطرا علي الديمقراطيه وحقوق الانسان. ولم يستطع خصومها الطعن في تاريخها لانها نفسها كانت معارضه شرسه لنظام الرئيس الاسبق بن علي.
وعلي العكس منها سياسيا، المحاميه عبير موسي، كانت تنتمي الى الحزب الدستوري الديمقراطي من العهد السابق ومع هذا تمكنت من كسر محاولات تهميشها، فصارت تقود الائتلاف الثلاثي، وتعارض عمليات العزل والاقصاء. وهناك محاميه كانت في حزب النظام السابق، ومع هذا لم تنجح حملات الاصوليين وسعيهم لتشويه سمعتها، وهي الطبيبه امنه منيف التي قادت جمعيه مدنيه ضد المتطرفين، فاتهموها بالماسونيه والتغريب. ولم يكفّ المتطرفون اذاهم حتي عمن كان يدافع عنهم في الماضي مثل المحاميه راضيه النصراوي التي كانت تدافع عن الاسلاميين في العهد السابق، فتصدت للتعذيب في سجون حكومه «النهضه»، ايضا.
تونس ليست بلدا عربيا او اسلاميا عاديا، بل يسبق غيره بسنوات ضوئيه بعيده. والمراه علامه داله علي تميز المجتمع التونسي، حيث لعبت دورا فاعلا في مواجهه القوي السياسيه التي حاولت الاستيلاء علي البلاد، مثل حزب النهضة الإسلامي، وحزب التحرير. ونجحت اخيرا، مع بقيه القوي التونسيه المدنيه، في منع تكرار التجارب الدينيه الفاشيه في الحكم، مثل «الاخوان» المصريه بعد الثوره، والاحزاب الدينيه الشيعيه في العراق بعد اسقاط نظام صدام، والخمينيه في ايران بعد اسقاط نظام الشاه في اواخر السبعينات.