أحرق متطرفون يهود الكنيسة المسماة بكنيسة “معجزة تكثير الخبز” التي يقوم على خدمتها الرهبان البندكتان والواقعة على شاطئ بحيرة طبريا. وقد رفعت القيادات الدينية المسيحية والجماهير صوتها عالياً مستنكرة ومنددة. وكانت ردة الفعل فلسطينية، تضامن فيها المسلم والدرزي والمسيحي. وانضمت المبادرة المسيحية الفلسطينية -كايروس فلسطين– إلى تلك المشاعر الدينية والقومية الصادقة.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها. بل وصلت هذه الاعتداءات على كنائسنا وجوامعنا في خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 43 حالة، والمعتدون هم أنفسهم، شباب من اليهود أعماهم تطرفهم الديني والقيادات الدينية التي تربّيهم. وإننا نستغرب عدم قيام الشرطة والحكومة باتخاذ أي إجراء لإلقاء القبض على الفاعلين ومعاقبتهم. عكس موقفها في تعاملها مع الفلسطينيين الذين يقهرون في كل يوم لسبب ولغير سبب. هذا المبدأ أي الكيل بمكيالين له أسس عرقية تميز بين هذا وهذا، حيث اليهودي له كل الحقوق ولو أجرم، والفلسسطيني مجرم ولو كان بريئا. ومع ذلك فالفلسطينيون هم شعب هذه الأرض وأصحابها، هم ثمرة التاريخ والأجيال المتعاقبة بكل تقلباتها عبر الأجيال وحتى اليوم.
نحن نحذر من استمرار هذه الحوادث، فهي تشعل الفتنة وتؤجج صراعًا دينيًّا ومذهبيًّا في الأرض المقدسة. وزيادة التطرف والعنف يعني غياب اي امل بالحل السياسي العقلاني المنشود.
كما ننظر لهذه الجريمة النكراء ومثيلاتها على انها امتداد لسياسات وقوانين مجحفة بحق مسيحيي ومسلمي هذا البلد والذين حافظوا بأمانه واخلاص وخلال قرون على التراث الديني في الاراضي المقدسة. ومع هذه الأحداث، نتذكر ونذكِّر بشديد من القلق استمرار اسرائيل بهضم حق الوصول الى الأماكن المقدسة. وقد حرمت حتى الآن أجيالًا من هذا الحق، وهذا أحد الأسباب الذي أدى إلى الاضمحلال التدريجي للوجود المسيحي، ومع الذاهبين جزء مهم وطويل من تاريخ هذه البلاد.
ونحن نؤكد ان الطريق الوحيد إلى السلام في هذه البلاد المقدسة هو احترام وجود وتقاليد وأماكن العبادة للديانات الثلاث، واحترام الحقوق الانسانية الشاملة لاهل هذه الارض، واعتماد القانون الدولي و طريق العدل والمحبة والعمل من اجل السلام الحقيقي.
وهنا لا بد من التذكير بمسؤولية المجتمع الدولي في تطبيق الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة بخصوص احترام وحرية العبادة. وبالأخص نذكّر رؤساء الكنائس في العالم بمسؤولياتهم للعمل من أجل العدل والسلام والمصالحة في الأرض المقدسة. ومن أجل وقف التطرّف الأعمى وذلك بالتضامن والتعاون الفعلي مع نداءات وتوجيهات المسيحيين الفلسطينيين، كما جاءت في وثيقة “وقفة حق” وسائر بياناتها ومواقفها. نرجو أن تحدد لها سياسات وبرامج عمل فاعلة تساعد على تحقيق العدل والسلام، وقد بدأت بعضها بذلك مشكورة.
وللسلطات الإسرائيلية، إننا نقول ونحذر أن استمرار غض النظر عن زيادة التطرّف وعدم محاسبة الارهابيين اليهود هو تشجيع لهم للقيام بالمزيد. وهو إساءة إلى الشعب اليهودي نفسه. والسلطات الاسرائيلية الرسمية هي المسؤولة عن ذلك الإرهاب وغياب الأمن في الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية.