الأخبار

المسيحيون بين المخاوف والصمود

لم يعد الحديث بين المسيحيين بالقدس وغيرها سوى التساؤل ما رأيك ببيانات «داعش» وما الذي تتوقعه وهل تحدث اعتداءات فعلا، وما الذي علينا فعله؟ وهل هي بيانات صحيحة ام مدسوسة.. ومن يقف وراءها، وهكذا يدور النقاش والاستنتاجات بلا توقف. وقد كان كلام البطريرك ميشيل صباح مركز الاهتمام بسبب الاحترام الكبير الذي يتمتع به وبسبب المنطق الذي يتضمنه حديثه: قال ان المسيحيين باقون وصامدون مهما تكن الظروف ويجب الا يسمح احد للفتنة ان تمر.

وكان من المتوقع ان تصدر بيانات واضحة وصريحة وقوية من اكثر من شخصية فلسطينية دينية او رسمية ضد الفتنة وضد من يسعى لاثارتها ولكن لم يحدث شيء من هذا الا القليل وفي مناسبات محددة وظل الصمت او التجاهل سيد الموقف.

صحيح ان المواقف الرسمية والدينية واضحة ومعروفة وهي ضد الفتنة والتفرقة الطائفية، الا ان الكل توقع صدور مواقف جديدة تؤكد ما هو معروف وتزيل ما هو قائم او محتمل.

المسيحيون اساسا في القدس والضفة قليلون جدا وفي القدس بالكاد يصل عددهم الى ٨ او ٩ آلاف وفي كل انحاء الضفة بين ٤٠-٥٠ الفا لان كثيرين منهم هاجروا، ولان عائلاتهم اساسا قليلة بالاعداد وتزايدهم محدود نسبيا.

ولقد حاول كثيرون التقليل من اهمية بيانات داعش هذه وقالوا انها من جهات مدسوسة، واخذها اخرون بجدية خاصة وان ما تمارسه داعش في العراق وسوريا ينطبق على ما جاء في البيانات من تهديدات للمسيحيين، كما ان داعش هددت بالصوت والصورة حركة حماس في غزة وهددت بتحويل القطاع الى بركة دماء، اي انها موجودة بلا نقاش ولا خلاف.

للحقيقة فان المسيحيين خاصة في القدس، يشعرون بالقلق بسبب هذه البيانات مهما يكن مصدرها او اهميتها ومفعولها، ويصبح ارتفاع الاصوات المنددة والمستنكرة اكثر اهمية

وفي كل الاحوال فليس امام المسيحيين الا الصمود والبقاء في ارض الميلاد والقيامة وفي مهد المسيحية وصمودها في وجه التحديدات وعلى مر الاجيال والانظمة والحكام.

محمد سامي الكسبة ثالث الاخوة الشهداء

الشاب محمد سامي الكسبة من مخيم قلنديا بين القدس ورام الله، اراد الصلاة في المسجد الاقصى فوجد السبل مغلقة امامه، وقرر تسلق الجدار العنصري كما يفعل كثيرون غيره والتسلل الى رحاب القدس والاقصى…ولكنهم فاجأوه بالرصاص وسقط مضرجا بدمائه حتى استشهد.

كان شابا ابن ١٧ ربيعاً، يفيض حماساً وحيوية..وباستشهاده تقف الكلمات عاجزة وحزينة ومتألمة، ليس لانه شاب فقط ولكن ايضا لانه التحق بشقيقيه سامر الذي استشهد عام ٢٠٠١ وشقيقه الثاني ياسر الذي استشهد عام ٢٠٠٢..وهكذا تقدم عائلته ثلاثة شباب شهداء وتقدم صورة من اوضح ما يمكن عن معاناة شعبنا وتضحياته وهذه العائلة الكريمة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة التي تقدم اكثر من شهيد او اكثر من اسير…وكان الله في عونها والهمها الصبر والقوة والعزيمة.

اين انت يا د. سلام فياض

د. سلام فياض رئيس الوزراء السابق شخصية سياسية واقتصادية كبيرة وهو صاحب فكر وقرار ويتمتع بعلاقات محلية ودولية واسعة ومؤثرة. له مؤيدون كثيرون ومعارضون كثيرون، وحين استقال او اجبروه على الاستقالة من رئاسة الوزراء اسس «فلسطين الغد» للعمل بصمت وفي المجالات المؤثرة كالزراعة والتنمية وفي المناطق المهملة او المهمشة كما يسميها البعض..

فجأة اغلقت السلطة مؤسسة «فلسطين الغد» هذه واتهم بعضهم د. فياض بتبييض الاموال. اغلاق المؤسسة قضية مهمة وكبيرة وتهمة تبييض الاموال قضية اكبر وتهم اضخم بالفساد في مجالات مختلفة.

كنا نتوقع ان يرد الدكتور فياض وان يوضح الامور ويدافع عن نفسه ومؤسسته. لكن شيئاً من هذا لم يحدث وقد التزم الصمت، وقيل انه لا يرغب بالدخول في مهاترات سياسية ولفظية وسيترك القضاء يقول كلمته القاطعة، اي انه سيتوجه الى القضاء بشأن اغلاق مؤسسته وتهمة تبييض الاموال. وان صح هذا التوجه فإنه لا يكفي في تقديري، وكان من المفروض ان يرد شخصياً وسريعاً حتى وان اراد التوجه الى القضاء، لأنه شخصية كبيرة ومميزة، ويحظى باحترام الكثيرين وهذا الصمت ليس مفيداً ولا كافياً. وقد قال لي صديق وثيق الصلة والاطلاع ان فياض اعلن رسميا وبصوت عال انه لن يهاجر كما يحاول البعض اجباره على ذلك.

غليك «ضيف شرف» في تركيا

يهودا غليك من كبار الداعين الى هدم المسجد الأقصى واقامة الهيكل مكانه، وله تصريحات ومواقف واضحة في هذا المجال، وهو يرأس اكثر من منظمة في غاية التطرف وهدفها الوحيد اقامة الهيكل، ولشدة تطرفه فقد منعوه، ولو مؤقتاً من دخول الحرم القدسي،. وله مواقف وتصريحات معادية للعرب والفلسطينيين بشكل حاد.

غليك هذا كان ضيف شرف في مأدبة في تركيا ولقي الترحيب والتأييد هناك وقالوا له انهم ضد العنف وضد الارهاب ومع حق اليهود بالصلاة في الحرم القدسي.. وهنأوه بسلامة النجاة من محاولة الاغتيال.

قد لا تكون جهة رسمية هي التي دعت غليك لكن زيارته موافق عليها رسمياً بالتأكيد والحفل اقامه كاتب تركي معروف ولم يقل له احد ان الأقصى وقف اسلامي وفيه تراث عثماني، ومرت زيارته بالترحاب والتضامن والتأييد له ولمواقفه.

مرة اخرى يكشف النظام التركي عن طبيعته وعدائه التقليدي للعرب عموما، او عن جهل تام لما يحدث في ارض الاسراء والمعراج.

مصر على الطريق الصعب

تواجه مصر معركة كبيرة في هذه المرحلة، وتوجد اكثر من دولة واكثر من جهة او جماعة، تحاول بكل قوة جر مصر الى المستنقع الذي تغرق فيه سوريا والعراق وليبيا واليمن. وقد نجحوا بالايام الماضية بالهجمات الواسعة في سيناء واغتيال النائب العام بتفجير سيارة كان فيها مئات الكيلوغرامات من المتفجرات.

ويتعمق الانقسام الداخلي بين الاخوان المسلمين ومن يساندهم في قطر وتركيا بصورة خاصة، وبين النظام الحاكم بقيادة السيسي، ولا تبدو اية بوادر للانفراج او التفاهم والتلاقي بين الاتجاهين، والعكس صحيح فكل طرف يهدد الاخر ويجند كل قواه لكسب المعركة. وستدفع مصر الثمن الكبير بالتأكيد وسيدفع ما تبقى من العام العربي الثمن ايضا، ونحن بالمقدمة لان في استقرار مصر سندا وقوة لنا وللعرب جميعا، وفي ضعفها او الفوضى الدامية فيها، ضعف للعرب ولنا.

مصر تسير على الطريق الوعر والصعب .. فالى اين نصل .. هل الى بر الامان والاستقرار، كما نأمل، ام الى مزيد من الدماء والاقتتال والفوضى!.

 

جريدة القدس

Shares: