الأخبار

حارقو الكنائس..هوس الحرق باسم الرب

 يمكن اعتبار أفعال التنكيل المتواصلة برجال الكنيسة والكنائس في البلاد تعبيرا عن فكر “الأعشاب الضارة”. ولكن لشدة الأسف قد تكون هذه الأعشاب ضارة، ولكنها تتغذى من ارض خصبة.

 

رئيس منظمة “لهفاه” بنتس غوفشتاين، يعتقد بأنه يجب إحراق الكنائس في بلاد إسرائيل. وقد جاءت هذه الأقوال في إطار حلقة بحث في مدرسة ولفسون الدينية. ولا يعبر غوفشتاين بهوسه للحرق عن انحراف شخصي – من ناحيته فان حرق الكنائس هو فريضة فعل. وحاليا، لا يشاركه الرأي كل المؤمنين، ولا حتى معظمهم. ففي البحث الذي جرى كان رئيس “لهفاه” وحيدا في تقديس هوس الحرق، بينما كان المشاركون الآخرون في شك في ذلك. وعلى زعم غوفشتاين بأنه حسب الرمبام هناك واجب للقضاء على العمل الأجنبي في البلاد المقدسة، رد احد المشاركين بان في هذه الايام لا ينطبق مثل هذا الواجب وان الفقه (بما في ذلك تفسير فتاوى القدماء) يتقرر حسب المفتين وليس من قبل “العامة الشباب” (مثل غوفشتاين).

سهل، إذن رد الأقوال بصفتها شاذة واعتبار أفعال التنكيل المتواصلة برجال الكنيسة والكنائس في البلاد تعبيرا عن فكر “الأعشاب الضارة”. لشدة الأسف قد تكون هذه الأعشاب ضارة، ولكنها تتغذى من ارض خصبة. اذا لم يطرأ تغيير في موقف المفتين، فان مواقف غوفشتاين وأمثاله ستصبح مركزية أكثر فأكثر.

تظهر هذه الأمور في بحث أجرته كرما بن يوحنان، التي تنهي هذه الأيام رسالة دكتوراه تحت إشرافي. بن يوحنان، التي تعنى بالعلاقات بين اليهود والمسيحيين في البلاد في اليوبيل الماضي، تشير إلى تغيير خطير في معاملة الأغيار بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص

من المهم الإشارة إلى أنه يكاد يكون كل المفتين المركزيين عرفوا ويعرفون المسيحية كـ “عمل أجنبي”. من هذه الناحية فان مكانتها الفقهية أسوأ من مكانة الإسلام. صحيح أن المسلمين هم العدو الأخطر لشعب إسرائيل اليوم، ولكن الفقه يقبل كونهم يعبدون اله واحد، وليس كالمسيحيين عبدة العمل الأجنبي.

في الماضي وجدت سبل فقهية، ولا سيما في الجاليات التي كانت تعيش بين المسيحيين، لإعفاء الأخيرين من القوانين التي تطالب بالقطيعة التامة عن عبدة العمل الأجنبي و “القضاء عليه” بقدر  ما يكون الأمر ممكنا. وبشكل عام عللت الأمور بمبررات براغماتية: كون اليهود ضعفاء، فإنهم يضطرون إلى التعامل مع المسيحيين باحترام وبتسامح، ليس لان دينهم جدير بالاحترام بل “بسبب السبل السلمية”. ولكن في العقود الأخيرة اخذ بالتعاظم في دوائر عديدة الفهم بان شعب إسرائيل مرة أخرى لا حاجة لان يخشى ما يقوله الأغيار.  فاليهودية “الحقيقية” لا تساوم ولا تعتذر. وعندما تكون يد إسرائيل حازمة، لا تكون حاجة للاعتبارات السياسية و “محظور علينا أن نسمح لغير يعبد عملا أجنبيا بيننا”.

“التسامح في الوعي اليهودي الحاخامي”، كتبت بن يوحنان تقول، “يرتبط ارتباطا وثيقا بالمنفى، وكون اليهود أقلية تخضع لرحمة المسيحيين. ليس هناك في اليهودية الفقهية تسامح مصدره قبول مبادئ الأخر. وعلى أي حال، فان السيادة ليهودية تعبر عن نفسها  بيد قاسية تجاه الأقليات الدينية وليس بالحرص عليها”.

وحتى الحاخامين الذين يحاولون تشجيع مواقف متسامحة يفعلون هذا دوما تقريبا انطلاقا من المبررات السياسية القديمة: يد إسرائيل ليست شديدة بما يكفي بعد. واجب علينا الحذر تجاه كرامة الاغيار خشية رد الفعل الشديد من جانبهم. وحاليا مسموح سلب أراضي المسلمين. وعندما تكون يد إسرائيل حازمة سيكون ممكنا – وجديرا أيضا القضاء على العمل الأجنبي المسيحي من البلاد.

 اليهودية في بلاد إسرائيل هي منظومة معتقدات ترى في التصلب الفقهي والإيديولوجي قيمة مقدسة. وهي ترى “في الحرص على الخفيف مثلما على الجسيم” تعبيرا على التمسك بالحقيقة، بينما “في الخفيف” ترى ضعفا. هذا النهج وجد تعبيره في كل مجالات الحياة، وهو ينغص حياة عديمي القوة الفقهية. في مجال العلاقات بين اليهود والاغيار نجده خطيرا على نحو خاص. طالما يرفض أصحاب الفقه أن يروا في قبول الأخر واجبا فقهيا وأخلاقيا، طالما كانوا شركاء في النهج المستخف والمستهتر تجاه كل من ليس يهوديا، وطالما ابدوا تسامحا ضمنا أو صمتا تجاه العنف بالنسبة للاغيار، سيوجد كثيرون لن ينتظروا فتوى صريحة، بل سيفعلون فعلة بنحاس

(يديعوت احرنوت)

Shares: