إن دم محمد علان في أعناقنا، في عنق دولة اسرائيل. وهي التي ستتحمل المسؤولية الكاملة والوحيدة عن موته، اذا مات لا سمح الله. أي ذرائع لن تفيد، ولن تكفر أي دعاية. عند كتابة هذه السطور أمس بعد الظهيرة، تنقل بين الحياة والموت، وهو مخدر ويتنفس اصطناعيا، موت المحامي (31 سنة) من عينبوس قد يتسبب ليس فقط بالضرر لصورة اسرائيل ولا باندلاع الاضطرابات في الضفة وغزة – علان هو أولا وقبل كل شيء ضحية أحد الاعمال الدونية للاحتلال الاسرائيلي، الاعتقال الاداري. هذا ما يرونه هنا.
علان هو مقاتل من اجل الحرية. ولا يوجد من يلائمه هذا التعريف أكثر منه، ولا توجد طريقة اخرى لوصفه. علان مضرب حتى الموت من اجل حريته التي يستحقها حسب المعايير الدستورية، سواء كانت ديمقراطية أم اخلاقية، حتى لو كان زعران عسقلان العنيفين سيصرخون حتى آخر الزمان “مخرب”.
حتى لو كانت تقارير التحريض في التلفاز تتحدث عن “الدم على الأيدي” فسيبقى علان مقاتل حرية، بريء. فهو لم تتم ادانته أو محاكمته. ليس لدى الاجهزة الامنية ضده وضد المئات أي أدلة، مثل التي قد تكفي لاهانته في المحاكم العسكرية، الامر السهل في جهاز لا يمت بأي صلة للمحاكمة العادلة.
ليس صدفة أن كل المضربين عن الطعام لفترات طويلة هم معتقلون اداريون، لم يحاربوا ضد الاحتلال أو المستوطنات. بل هم يناضلون من اجل حريتهم الشخصية التي هي حقهم المطلق. هم ليسوا أسرى بل معتقلون بسبب قسوة القلب. واعتقالهم الاداري تحول الى روتين مخيف مفروغ منه، مثل الحاجز والقتل بدون سبب والاختطاف في جنح الليل.
في الـ 15 سنة الاخيرة تراوح عددهم بين 150 – 1000 معتقل في كل وقت. حتى وإن كان هناك هدوء فان عددهم لم يتقلص.
الآن يوجد نحو 400 معتقل. بكلمات اخرى: في السجون الاسرائيلية مئات المعتقلين بدون محاكمة.
اذا كان هناك سبب يكفي للتوجه الى محكمة الجنايات الدولية، فهذا هو السبب، أكثر من القتل والطرد والمستوطنات. واذا كان هناك دليل يظهر كذب “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، فهذا هو الدليل القاطع: دولة يوجد في سجونها مئات المعتقلين بدون محاكمة ليست ديمقراطية، ولن تساعد كل ذرائع “الأمن”. لا يوجد ولن يوجد شيء مثل هذا – ديمقراطية مع اعتقالات كثيرة بدون محاكمة.
علان يعلم كل هذا. فهو واصدقاءه يستخدمون سلاح يوم القيامة الخاص وغير العنيف – الاضراب عن الطعام، لأنهم على حق ولأنه لا توجد حقيقة تبرر اعتقالهم، باستثناء حقيقة زعران عسقلان وأمثالهم، الذين يعتقدون أن كل الفلسطينيين مكانهم في السجن. ويقول علان وأبناء عائلته: الحرية أو الموت، وكان يفترض أن تحني اسرائيل رأسها تقديرا لتصميمهم، صدقهم وجرأتهم.
إن علان يحتضر، وتحتضر معه الديمقراطية الاسرائيلية. فاسرائيل تخاف فقط من الضرر الذي سيلحق بها، ومعظم قضاتها يصمتون والاعلاميون فيها يغطون. كان من المحظور على اسرائيل اعتقال علان في تشرين الثاني من العام الماضي وإبقائه ستة اشهر في السجن بدون محاكمة. وكان محظورا عليها تمديد الاعتقال ستة اشهر، وكان محظور عليها فعل ذلك للكثيرين على مدى السنين، كان محظورا عليها التصرف هكذا.
ولكن هذا الامر ليس متأخرا بعد: النقاش لا يجب أن يركز على طريقة اطالة حياة علان. الطريقة الوحيدة لانقاذه هي اطلاق سراحه فورا دون شروط، ومعه مئات المعتقلين الاداريين. هذا لن يكون فقط الانتصار الكبير لمقاتلي الحرية هؤلاء، بل سيكون ايضا انتصارا لإسرائيل.
(هآرتس)