صار القاصي والدّاني يعرفان أنّ الفرق بين تاريخَي الصوم الأربعيني وعيد الفصح بين الكنيسة الكاثوليكية وشقيقتها الأرثوذكسيّة، فلكي، لا دينيّ، هو فرق بين التقويمين الغربي القديم اليولياني والغربي الحديث الغريغوري. وهذه السنة الفرق أسبوع. ولا بأس من الاحتفال بعيد القيامة مرّتين هذه السنة، مع العلم أن كلّ يوم أحد على مدار السنوات والأجيال والقرون هو العيد الأسبوعي لتلك القيامة السعيدة المجيدة.
تضييقات على المسيح الدّاخل إلى المدينة المقدسة
يتصوّر المرء مسيحنا وهو يمتطي حمارًا أمام ابواب المدينة، “مدينة الملك العليّ”، “بهجة الأرض كلّها”. ويراقبه من بعيد الجند الرومان المحتلّون. فبلادنا وشعبنا تحت الاحتلال، وليس من اليوم! وفي حين يبكي قوم موسى أن “المدينة كثيرة الشعب جالسة وحدها، وقد أمست كارملة العظيمة في الأمم، سيدة البلدان باتت تحت الجزية” ولا بصيص أمل (وما أشبه اليوم بالأمس!)، يستهين جند طيباريوس وبيلاطوس بالناصريّ رثّ الثياب وفارغ الجيوب. وما أتى بعد وقت إمبراطورهم هدريانوس الذي سيمنع العبرانيين من دخول المدينة المقدسة، بتصريح أم بغير تصريح! وما حلم أحد من الرومانيين المتحضرين بأن يأخذ من أبنية الهيكل ضريبة ملكية لأنّ الهيكل ملك الله وحده. وحتى هذا الهيكل ما بقي منه حجر على حجر.
وسرعان ما عاد الجند الرومان إلى رشدهم، على استعلائهم واستهتارهم واستهانتهم بمعشر العبرانيين. وأدركوا كما سيدرك بونطيوس بيلاطوس وهيرودس أنتيباس أنّ لا خطر من يسوع الناصري لا على قيصرهم ولا على واليهم، بخلاف وسوسات هيرودس الكبير في الإجرام وتوجّسه من طفل مريم العذراء خيفة!
الأطفال الذين ما كانوا يخيفون الرومان!
حمل الصغار وهم ملائكة الأرض وأحباب الرحمان، جلّ جلاله، حملوا سعف النخل وأغصان الزيتون. وتعالت هتافاتهم: “مبارك الآتي باسم الرب! هوشعنا في الأعالي”. وقد ألهمتهم قلوبهم البريئة أن يسوع هذا “النبي من الجليل” هو المسيح المنتظر، وقلب الطفل صادق دومًا وقلب المؤمن دليله.
وسؤالنا: هل سيتاح لنا أن نصرخ مسبّحين في المدينة المقدسة، ومشيدين بالمسيح الذي أتى وسوف يأتي؟ متى سترى مدينتنا المقدسة ساعة فرح ويوم بهجة، بعد سبعين سنة من الهوان والذل والقهر؟
خاتمة
ويعلو الدعاء من حناجرنا إلى العلي القدير: “هوشعنا” اي “خلّصنا من فضلك”، لأنّ “من عندك الخلاص وعلى شعبك بركتك”!
وكلّ عام وأنتم بخير!