صرح عضو اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس السفير عيسى قسيسية، وسفير دولة فلسطين لدى حاضرة الفاتيكان، أنه من الواضح هناك تصعيد من قبل الحكومة الإسرائيلية اليمينية لتقويض وان لم يكن لإنهاء الوجود الكنسي المسيحي في المدينة المقدسة، من خلال سياساتها التي تهدف للسيطرة على عقارات ومباني الكنائس وبأذرع الحركات الاستيطانية، او من خلال بلدية القدس الإسرائيلية، وذلك بفرض الضرائب على عقارات وأملاك الكنائس، خرقاً للوضع القائم التاريخي والقانوني “Status Quo”، وتجاوزها الخطوط الحمراء بتجميد حسابات الكنائس في البنوك. وآخر هذه السياسات تمرير مشروع قانون أراضي الكنائس في الكنيست الاسرائيلي، والذي يسمح للحكومة الإسرائيلية بمصادرة أراضي وأملاك وأوقاف الكنيسة والتصرف بها.
وإعتبر قسيسية ان الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة والتي تستهدف الوجود الكنسي المسيحي في الأرض المقدسة، يعتبر خرقا فاضحا للستاتسكو والذي ينظم العلاقات بين السلطات المدنية والكنسية منذ عام ١٧٥٧. وهذا ما أكدته معاهدة باريس لسنة ١٨٥٦، ومعاهدة برلين لسنة ١٨٧٨، وأيضا جاءت لجنة تقصي الحقائق لفلسطين سنة ١٩٤٩، لتعاود تأكيد خصوصية وضع الاماكن المقدسة. كما جاء أيضا في قرار التقسيم لسنة ١٩٤٧ بعدم المس بالوضع القائم “Status Quo” للأماكن المقدسة. وفي هذا السياق ذكّر قسيسية بأنه في ٨/١١/١٩٤٦ سلم مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة رسالة يعبر فيها عن إلتزام حكومته بالحفاظ على الوضع القائم للأماكن المقدسة وعدم المساس بها.
وتضمنت الاتفاقية الأساسية الثنائية بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل سنة ١٩٩٣، تأكيد إلتزام هذه في بند ٤ (١) بإحترام الوضع القائم التاريخي والقانوني للأماكن المقدسة.
هذا وذكّر قسيسية بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمتعلقة بالقدس ومنها قرار مجلس الامن رقم: ٤٧٦، ٤٧٨، ١٥١٥، ٢٣٣٤، وغيرها من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تؤكد جميعها على بطلان قرارات وإجراءات إسرائيل، القوة القائمة بالإحتلال بخصوص القدس.
هذا وكان رؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة قد عبروا عن رفضهم في ٧/٩/٢٠١٧ للمساس بالوضع القائم “Status Quo” ومحاولات شرعنة الإجراءات والسياسات الغير قانونية من خلال مصادرة أملاك الكنائس والتصرف بها. واصدروا بيانا في تموز ٢٠١٧، خلال أحداث الحرم الشريف عبروا فيه عن قلقهم الشديد لمحاولات إسرائيل تغيير الوضع القائم التاريخي والقانوني في المدينة المقدسة.
وصدر البيان الأخير لرؤساء الكنائس بتاريخ ١٤ شباط ٢٠١٨، وجدّدوا فيه رفضهم لإجراءات بلدية القدس الإسرائيلية بفرض الضرائب على الكنائس ومؤسساتها، بإعتباره خرقا فاضحا وتحديا كبيراً للحضور الكنسي المسيحي، مذكرين بمساهمتهم الكبيرة لخدمة المجتمع من خلال مشاريعهم في القطاعات المختلفة ومنها الصحية والتعليمية والثقافية وتشجيعها للحج المسيحي والذي يعتبر المصدر الأساسي لدخل السلطات المدنية.
وطالب السفير الفلسطيني دول العالم وعلى رأسها حاضرة الفاتيكان والدول التي تعتبر نفسها حامية للأماكن المقدسة منذ العهد العثماني وغيرها من كنائس العالم للجم السياسات الأحادية والغير قانونية لحكومة إسرائيل والتي هدفها إنهاء ما تبقّى من الحضور الكنسي المسيحي الممتد منذ الفي سنة، في أرض ميلاد وقيامة السيد المسيح. ويأتي هذا التصعيد الخطير بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب في ٦/١٢/٢٠٠١٧ بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ضاربا بعرض الحائط التزامات الإدارات الأمريكية السابقة والشرعية الدولية.