القدس – صفا – أن نكون مواطنين في إسرائيل” عنوان لكتاب مدرسي يندرج ضمن منهج المدنيات الذي يُدرس للمراحل الثانوية في “اسرائيل” للطلاب اليهود والعرب على حد سواء كلٌ بلغته.
ولم ترق الصياغة الحالية للكتاب للمعلمين اليهود المتطرفين أو المعروفين بـ “المتدينين” في الوسط الإسرائيلي، فتقدموا باقتراح لإعادة صياغته نظرًا لأنه-وفق قولهم- يركز على حقوق المواطن في الدولة ولا يخدم الرؤية الصهيونية.
واستجابة لهذه الرؤية المتطرفة شكّل وزير المعارف الإسرائيلي “شاي بيرون” لجنة من مختصين للعمل على إعادة صياغة الكتاب بشكل كامل وإضافة فصل جديد بما يخدم بما يخدم قضيتيْن هما: “يهودية وديمقراطية الدولة” و “الصهيونية” بالإضافة إلى الفصول الحالية.
عنصرية وتجنيد
وتتحدث مديرة المركز العربي للدراسات والحقوق (دراسات) في “اسرائيل” ماري توتري لوكالة “صفا” عن أهداف وحيثيات الصيغة الجديدة والفصل الذي سيتم إضافته إلى الكتاب.
وتقول “إن الفصل الجديد للكتاب يتضمن أفكارا عنصرية ويشجع على التجنيد للجيش الإسرائيلي، كما يعزز الطابع العرقي للكيان الإسرائيلي على حساب الطابع الديمقراطي من خلال تسويغات نظرية وقانونية عديدة”.
وتضيف “أنه ومنذ السنوات الأخيرة الماضية والعديد من الأطراف اليمينية توجه انتقادات للكتاب كونه لا يعزز صهيونية إسرائيل وما يسمى بالدولة الديمقراطية اليهودية”.
وتشير توتري إلى أن خطابًا ألقاه أحد المعلمين اليهود مؤخرًا أثار ضجة كبيرة وكان سببًا في اتخاذ قرار بإعادة صياغته، خاصة وأن هذا المعلم قال “إن الجيش الإسرائيلي جيش غير أخلاقي لأنه جيش محتل”.
وكما تقول توتري الذي كشف مركزها عن قرار إضافة الفصل الجديد للكتاب “هذا الخطاب أحدث صخبًا واسعًا فتقرر الاستجابة لدعوات إعادة صياغة الكتاب إضافة إلى تشكيل لجنة لوضح حدود للخطاب السياسي للمعلمين في المدارس”.
وتعتبر أن هذيْن القراريْن يعكسان الوجهة التي تسير نحوها “اسرائيل” وهي العنصرية وإلغاء الأخر ونبذه والتقوقع الذاتي.
وتضيف رئيس قسم المدنيات في كلية “أورتنيم” أن الكتاب في الأساس يعزز الصهيونية ويهودية الدولة وبالتالي لا أرى داع لإعادة صياغته وإضفاء المزيد من الفصول والأساليب والمسوغات التي تعمّق هذه الرؤية المتطرفة.
إلغاء حقوق الأقليات
ويضم الكتاب الحالي (قبل إعادة الصياغة) 3 أقسام تنضم عدة فصول، والأقسام هي : الصهيونية، وديمقراطية ويهودية الدولة، والثالث النظام السياسي في “اسرائيل”.
كما يضم الفصل الجديد تسويغًا نظريًا وقانونيًا لعدم ارتباط الحقوق الجماعية لمجموعة الأقليات في “اسرائيل” بالمبادئ الديمقراطية.
وينص هذا المسوغ على “أن مسألة الحقوق الجماعية للأقليات ليست مقياسًا ولا مؤشرًا على ديمقراطية الدولة”، وذلك بالرغم من أن المواثيق الدولية خصت الأقليات بامتيازات حقوقية من أجل الحفاظ على لغتها وثقافتها وحقها في الاختلاف.
وفي قسم “الديمقراطيات” بالكتاب مسوغات تصفها توتري بأنها سيئة جدًا تدعم رؤية اليمين المتطرف التي تحرض على العرب وتغذي الأجواء بالعنصرية والتحريض عليهم سواء على المستوى الرسمي أو الجماهيري.
وتشير إلى أن اللجنة المكلفة بإعادة صياغة الكتاب أنهت فصليْن الأول عن يهودية الدولة والثاني عن ديمقراطية الدولة، ومن المتوقع إنهاء الكتاب كاملاً وإصداره خلال العامين الدراسيين القادميْن.
وفي الفصل الجديد عدة أمثلة في أساليب التعامل مع الأقلية العربية “الفلسطينيين”، من بينها وضع المواطنين العرب الذين يعارضون الخدمة العسكرية من منطلقات ضميرية وقومية تتعارض مع انتمائهم القومي والوطني في ظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في خانة واحدة مع المواطنين “الحريديم”.
ويتساوق هذا المثال مع مساعي “إسرائيل” وأذرعها الأمنية من أجل تجنيد المواطنين العرب وسلخهم عن انتمائهم القومي والثقافي وصهرهم في البوتقة الأمنية الإسرائيلية، وبالتالي تقسيم المجتمع العربي إلى طوائف وتقويض قضية الحقوق الجماعية للأقلية العربية.
مفروضة على العرب
ووفقًا للنظام التعليمي في “إسرائيل” والذي يشمل العرب أيضًا فإن طلاب الأول والثاني الثانوي يدرسون منهاج المدنيات هذا، وفي نهاية المرحلة الثانوية يخوض الطلاب امتحانيْن للمادة أحدهما تحريري والثاني أن يختار موضوعًا من الكتاب ويجري عليه دراسة وبحثًا معمقًا يمهده لاختيار تخصصه في المرحلة الجامعية.
وتؤكد توتري أن العرب لا يستطيعون رفض تدريس أو تعلم الكتاب لأنه مفروض عليهم من قبل وزارة المعارف، وهو حال الكثير من المناهج التي تتعارض مع تاريخ الفلسطينيين وقضيتهم.
ولكن تلفت إلى أن الطلاب الفلسطينيين يتعاملون مع هذه المناهج -وهي نفسها ولكن مترجمة للغة العربية- من منطلق الحفظ فقط كواجب مدرسي بدون قناعة أو تناغم معها، خاصة وأن معظمها عدوانية ولا علاقة لها بأسس العملية التعليمية الحقيقية.