فلسطين ما قبل الميلاد
وجدت اثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا، هي ترقى إلى نحو 600 الف سنة قبل الميلاد، وفي العصر الحجري الحديث (10000 ق.م. – 5000 ق.م. ) انشأت المجتمعات الزراعية الثابتة، ومن العصر النحاسي (5000 ق.م. – 3000 ق.م.) وجدت ادوات نحاسية وحجرية في جوار أريحا وبئر السبع والبحر الميت، ووصل الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين بين 3000 ق.م. و 2500 ق.م. ، وفي نحو 1250 ق.م. استولى بني إسرائيل على أجزاء من بلاد كنعان الداخلية، وما بين عامي 965 ق.م. و 928 ق.م. بنى الملك سليمان هيكلاً في القدس، وفي عام 928 ق.م. قسمت دولة بني إسرائيل إلى مملكتي إسرائيل ويهودا وفي 721 ق.م. استولى الآشوريون على مملكة إسرائيل، وفي عام 586 ق.م. هزم البابليون بقيادة بختنصر مملكة يهودا وسبوا أهلها إلى بابل وهدموا الهيكل، 539 ق.م. يستولي الفرس على بابل ويسمحون لليهود بالعودة، ويبنى الهيكل الثاني، وفي عام 333 ق.م. يستولي الاسكندر الأكبر على بلاد فارس ويجعل فلسطين تحت الحكم اليوناني ، وبموته وبحدود 323 ق.م. يتناوب البطالسة المصريين والسلوقيين السوريين على حكم فلسطين.
حاول السلوقيون فرض الدين والثقافة الهلينيستية (اليونانية) ولكن في عام 165 ق.م. حسب التاريخ اليهودي يثور المكابيون على انطيوخسابيفانس السلوقي، حاكم سوريا، ويمضون في اقامة دولة يهودية مستقلة، وفي عام 63 ق.م. تضم فلسطين إلى الامبراطورية الرومانية.
فلسطين زمن روما وبيزنطة:
قام الحاكم الروماني بومبي العظيم بالسيطرة على فلسطين عام 63 ق.م. وجعل منها مقاطعة رومانية يحكمها ملوك يهود، في سنة 70 للميلاد ، قمع الامبراطور الروماني تيتوس ثورة يهودية في فلسطين، وسوى القدس بالارض ودمر معبدها. وفي اعقاب ثورة يهودية اخرى ما بين 132م و135م شيد الامبراطور هادريان مدينة وثنية جديدة على انقاض القدس اطلق عليها اسم كولونيا ايليا كابوتاليا، وحرم على اليهود دخولها . وبعد انتهاء عهد هادريان ، زاد باطراد عدد المسيحيين المقيمين في القدس. ومع اعتناق الامبراطور قسطنطين الأول للمسيحية، وزيارة امه الملكة هيلانة للقدس سنة 320م ، بدأ طابع القدس وفلسطين المسيحي يغلب على طابعهما الوثني. وشيّد قسطنطين نفسه كنيسة القيامة ، ودأب خلفائه، ولا سيما جستينيان على الاكثار من بناء الكنائس والنصب المسيحية في فلسطين. وسمح البيزنطيون لليهود بدخول القدس يوما واحدا في السنة فقط ، للبكاء قرب حجر كان لا يزال باقيا في موقع المعبد . ولكن البيزنطيين ابقوا على الموضع اجرد موحشا، اكراما لما كان قد تكهن به المسيح (إنجيل متى 2:24).
فلسطين صدر الاسلام والخلفاء الراشدين
قبل ظهور الاسلام في القرن السابع، كان قد حدث تمازج متصل بين المسيحيين في فلسطين والسكان العرب (الذين كان العديد منهم من المسيحيين ايضا) القاطنين إلى الجنوب والى الشرق من فلسطين. وكان نبي الإسلام محمد بن عبدالله واتباعه يتجهون إلى القدس كقبلة الصلاة، وتروي الرواية الاسلامية اسراء النبي من مكة المكرمة إلى القدس وعروجه منها إلى السماء.
وبعد معركة أجنادين وانتصار المسلمين فيها بدأ المسلمون يسيطرون على اراضي فلسطين، وقد استولى العرب المسلمون على القدس من البيزنطيين سنة 637م، اعرب الخليفة عمر بن الخطاب عن احترامه للمدينة بان تقبل بنفسه استسلامها، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية، اعطاهم فيها امانا لأنفسهم واموالهم وكنائسهم وصلبانهم، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن ، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص، ومعاوية ابن ابي سفيان، وقد اقرّ السير وليم فينز جيرالد “لم يحدث قط في التاريخ المؤسف للفتوحات حتى غزو القدس ونادرا منذ ذاك، ان اظهر فاتح تلك المشاعر السخية التي اظهرها عمر للقدس.” وكان الاسم العربي الذي اطلق على القدس هو البيت المقدّس، كمقابل للبيت الحرام. واصبحت ولاية فلسطين البيزنطية ولاية ادارية وعسكرية عربية اطلق عليها اسم جند فلسطين منذ ذاك.
فلسطين زمن الأمويين
كانت عاصمة الأمويين وعاصمة الخلافة دمشق وبلغت الخلافة اوج سلطانها ووصل نفوذها إلى وسط اسيا شرقآ وحدود فرنسا في أوروبا غربآ لتكون بذلك أكبر دولة أسلامية في التاريخ، وكان معاوية اول الخلفاء الامويون ، كما ان الخليفة الاموي الخامس عبد الملك، شيد المسجد الذي عرف ياسم قبة الصخرة ، كما شيّد الوليد بن عبد الملك المسجد الاقصى المجاور، وكان تفضيل الامويين لفلسطين والقدس سياسي إلى حد ما، لان مكة المكرمة كانت في يد خصوم بني اميّة في العقود الاولى، ولكن حتى بعدما دانت مكة المكرمة والمدينة المنورة بالولاء للأمويين سنة 692م، فان الخليفة السابع سليمان، نصب على كرسي الخلافة في القدس ثم في العاصمة دمشق، وذلك يرجع إلى ما ذكره الحديث الشريف من ذكر فضل الصلاة و الزيارة والسكنى في القدس.
فلسطين زمن العباسيين
اتخذ العباسيون من بغداد عاصمة لهم ، وبلغت الخلافة العباسية اوج سلطانها ونفوذها في غضون قرن من إنشائها ، امّا بعد ذلك ، فقد وقع الكثير من اراضي الامبراطورية تحت سلطان حكامها الذين كان ولائهم للخلافة العباسية اسميا ، وظلت فلسطين طوال الشطر الأكبر من الفترة الواقعة بين انتهاء القرن التاسع الميلادي وحتى الحملات الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر للميلاد تحكم من قبل حكام مسلمين اتخذوا من القاهرة مقرا لهم.
زارها من العباسيين اثنان من الخلفاء، كان المنصور اولهما، وهو ثاني الخلفاء العباسيين، زار القدس مرتين وأمر بإصلاح التلف الذي لحق بالمدينة بسبب زلزال كان قد اصابها، اما الخليفة الثاني فهو المهدي، ثالث الخلفاء العباسيين، زار القدس خصيصا لأداء شعائر الصلاة في المسجد الاقصى، وقد أمر المأمون سابع الخلفاء العباسيين بإجراء ترميمات كبرى في مسجد قبة الصخرة، تحت اشراف شقيقة وخلفه المعتصم، الذي كان انذاك مندوب الخليفة في سوريا.
فلسطين زمن حروب الفرنجة والحملات المضادة لها
انقطع تسلسل الحكم العربي والاسلامي لفلسطين بفعل حملات الفرنجة غزوالفرنجة واقامة مملكة القدس اللاتينية بين عامي 1099 و1187 للميلاد، ولكن الحملات المضادة للفرنجة بقيادة صلاح الدين الايوبي وخلفائه استمرت حتى عام 1291، حيث استرد المسلمون آخر المعاقل الفرنجة في قيصرية (قيسارية) وعكا.
فلسطين في عهد المماليك
كان المماليك هم من اخرج آخر الصليبيين من فلسطين وهم من هزموا المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان، وامتدت فترة سيطرتهم ما بين عامي 1260 إلى الغزو العثماني لمصر عام 1517، وظل اسمها “جند فلسطين” وقسمت إلى ستة اقضية هي: (غزة، اللد، قاقون، القدس، الخليل، نابلس).
فلسطين تحت الحكم العثماني
هزم العثمانيون المماليك في حدود 1517 وكانت الدولة العثمانية سيطرت على فلسطين عام 1516 بعد معركة مرج دابق في 23 آب أغسطس من ذلك العام، وعينت القسطنطينية حاكما محليا عليها ، كانت البلاد قد قسمت إلى خمسة مناطق تسمى سناجق هي سنجق القدس وغزة وصفد ونابلس واللجون، وكانت جميعها تابعة لولاية دمشق، ولكن كان الحكم إلى حد بعيد في أيدي السكان المحليين . وتم اعادة اعمار المرافق العامة في القدس على يد سليمان القانوني عام 1537.
وبعد احتلال فلسطين عام 1831 م ألغي محمد علي حاكم مصر الرسوم التي كانت تفرض على الحجاج الاجانب في فلسطين, مما كان له تأثير سلبي على ايراد آل أبوغوش السنوي (المخطوطات الملكية المصرية). قام الحاكم المصري في فلسطين بفتح أول قنصلية بريطانية في القدس. وبعد فترة وجيزة تلت قنصليات أوروبية اخرى. فكانت تلك القنصليات أول بذور تزرع في ارض فلسطين للوجود والتوغل الاجنبي. واعترض الشيوخ الاقطاعيون على تلك السياسة وعلى رأسهم ال أبوغوش, ورفضوا الاعتراف بالحاكم المصري. وجرت معارك عنيفة في القدس بين ال أبوغوش والحاكم المصري في فلسطين. وفي عام 1834 قام الحاكم المصري إبراهيم باشا(وهو ابن محمد علي) بشن هجومات مفاجئة عنيفة على ال أبوغوش انتقاما للمعارك التي قام بها ال أبوغوش في القدس وقام الجنرال إبراهيم بتدمير قصر أبوغوش واستولى على الكنيسةالتي كانت تستعمل سجنا لسجناء آل أبوغوش، وقيل ان الحاكم المصري سلم بقايا تلك الكنيسة للقنصل الفرنسي فيما بعد. وكان الشيخ إبراهيم أبوغوش قد توفي عام 1831 بعد احتلال مصر لفلسطين بقليل. خلف الشيخ إبراهيم أبوغوش الشيخ جبر أبوغوش الذي تزعم ال أبوغوش أثناء تلك الحملة .
كما دمر الجنرال إبراهيم حصنا لآل أبوغوش في قرية صوبا المجاورة لأبوغوش. وبعد عودة العثمانيين 1840 طرد الحاكم المصري من فلسطين وعين السلطان آل أبوغوش على المنطقة من جديدومنحهم فرمان يسمح لهم بفرض الرسوم على الحجاج والسياح من الساحل إلى القدس (انظر فين -قنصل بريطانيا في القدس- ستيرينج تايمس, ص 232) مما أغضب القناصل الأوروبيين. اضطرت الدولة العثمانية إلى ان تغمض عينيها على استمرار نشاط القنصليات في فلسطين بسبب مساندة الدول الأوروبية له في اعادة بلاد الشام إلى الدولة العثمانية.
وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي بدء عهد جديد وهو عهد التنظيمات والاصلاحات للدولة العثمانية. كان المسؤولون في القسطنطينية يعتبرون شيوخ الجبال الفلسطينية عوائق في تنفيذ الاصلاحات والتنظيم الاداري الجديد وكانوا يؤمنون بانه لا يمكن تنفيذ مشاريع الدولة الجديدة الا من قبل حكومة مركزية قوية وتجريد العائلات الحاكمة من سلطتها. فاصبح من أهم اهداف السياسة العثمانية تقويض نفوذ العائلات الراسخة وجعلهم ينقادون للسلطة المركزية. ففي عام 1860 تلقى قناصل الدول الأوروبية تعليمات بان يقفوا إلى جانب السلطة المركزية ضد سلطة الشيوخ المحليين. وقصفت آنذاك بمساعدة بريطانية القرى التابعة للشيوخ المتمردين. وتحولت السلطات المحلية لشيوخ العائلات إلى سلطة مركزية يراسها حاكم متصرفية تركي مقره مدينة القدس. وقال فين, قنصل بريطانيا في القدس متشفيا “اجنحتهم (ال أبوغوش) كانت قد قصت إلى حد بعيد” (شولشالكسندر,الترجمة ص.272).
تزعم ال أبوغوش حينذاك الشيخ مصطفى أبوغوش شيخ مشايخ جبال القدس الملقب “سلطان البر” كما ورد في سجلات المحكمة الشرعية. قاد الشيخ مصطفى جيشا مؤلفا من 12,000 مقاتل في حملة واسعة لإعادة نفوذ العائلة واصطدم مع السلطات حيث استمر في زعامة المنطقة مما اجبر السلطات العثمانية بالاعتراف بالأمر الواقع. تزعم الشيخ مصطفى المنطقة رغم انف السلطات العثمانية حتى وفاته عام 1863م . والشيخ مصطفى هو جد (أبو ام) الاديب الفلسطيني المشهور محمد اسعاف النشاشيبي.
عشية انهيار النظام الاقطاعي الذي دام ما يقارب اربعة قرون و تجريد الشيوخ الاقطاعيين من سلطتهم تمهيدا لتنفيذ الاصلاحات, كانت بعض العائلات التي تقطن مدينة القدس, بسبب موقعها في المدينة, مثل عائلة النشاشيبي وعائلة الحسيني, قد بدأت تنهض في المجتمع الفلسطيني من خلال توظيفها في الدوائر الحكومية الجديدة والقنصليات الاجنبية, وتأخذ مركزا هاما في المجتمع الفلسطيني. وهكذا انتقلت السلطة من الريف إلى المدينة. وكانت عائلتا النشاشيبي والحسيني في ذلك الوقت تابعتين لحزب اليمنية الذي كان يتزعمه ال ابوغوش حتي الستينات من القرن التاسع عشر.
اما عائلة الخالدي فكانت تابعة للحزب القيسي الذي كان يتزعمه ال سمحان من العائلات الاقطاعية. ودارت معارك طويلة الامد بين ال أبوغوش وال سمحان واللحام في الخمسينات حول السيطرة على بني حسن. كان زعيم اليمنية حينذاك الشيخ احمد أبوغوش وكان عمره 90 عاما فكلف ابن اخيه مصطفى(المذكور اعلاه, الذي تسلم زعامة المنطقة بعد وفاة عمه) بالقيادة العسكرية . كان مصطفى شاب جسور جدا قاد جيشا عام 1853 يضم 10000 مقاتل (قارن بيروتي: قاستمز اند تراديشن, ص 273) وصلت الاضراراثناء تلك الاشتباكات إلى تخريب 20000 غرسة عنب و10000 شجرة زيتون و1000 شجرة فواكه وخسارة 3000 رأس ماشية (نفس المصدر).
وبوفاة مصطفى أبوغوش الملقب سلطان البر انتهت سلطة ال أبوغوش اي في الستينات من القرن التاسع عشر.
في اوائل القرن العشرين اشتهر شخص من ال أبوغوش يدعى سعيد أبوغوش وكان ابن اخ مختار قرية أبوغوش. كان سعيد أبوغوش على خلاف مع عمه المختار, فترك قرية أبوغوش وبنى منزلا له, فيلا حجرية محصنة, في ارض كان يمتلكها (22 الف دونم بين أبوغوش والرملة) بالقرب من قرية القباب. استعمل أبوغوش على تصميم عزبته مهندسا ألمانيا. تزوج أبوغوش من ابنة جنرال تركي صديق للعائلة كان يقطن قرية القباب. استعان الشيخ سعيد أبوغوش بمئات من الفلاحين من القرى المجاورة لفلاحة اراضيه وتربية الغنم والخيول. عرف أبوغوش بتدينه ونبل اخلاقه ووطنيته وحبه للفلاحين, الذين كان يعتبرهم اصحاب الأرض الحقيقيين, ومساعدته لهم. وقدم حمايته لجميع القرى المجاورة دون مقابل. وروي عنه أنه اسس “سبيل” ماء كان موقف المسافرين والمارين إلى القدس عن طريق الرملة.
كما روي عنه انه كان يفطر في رمضان مع الفلاحين يستمع اليهم ويلبي جميع طلباتهم ولا يرفض لهم طلبا في شهر رمضان قط. فكان من اراد الزواج ولم يقدر على أجر المهر ينتظر رمضان ليطلب طلبه وكان أبوغوش يزوجه ويقدم له بيتا هدية له. عرف أيضا عن أبوغوش أنه كان بشتري الاراضي المعروضة للبيع كي لا تقع في ايدي اليهود. كان يبعث وكيله للبحث عن الفلاحين الذين اجبرتهم الظروف على بيع اراضيهم وكان يحاول اقناع الفلاح بالا يبيع ارضه وان أصرعلى البيع اشترى الأرض منه واحيانا كان يؤجر الأرض للبائع بثمن زهيد. كان معروفا عن اليهود انهم يخططون لإقامة دولة يهودية على الاراضي الفلسطينية. وكان الشيخ أبوغوش يرى أن الإنكليز هم العدو الأصل. فكان يساعد كل من حاربهم بالمال والسلاح. توفي الشيخ سعيد أبوغوش عام 1936 ودفن في عزبته.
بعد النكبة في عام 1948 عام ” النكبة” هرب اهالي القرى والمدن في جميع انحاء فلسطين من ديارهم خوفا على الأطفال والنساء بعد ان شن مجموعات مسلحة من اليهود هجومات ارهابية عنيفة على الأهالي العزل. كانت المجموعات اليهودية الارهابية (الهاجانا والارجون وليهي) تشن هجومات همجية على الاهالي العزل وتقتل النساء والاطفال وكبار السن قتلا عشوائيا وكانوا احيانا يدمرون البيوت امام اعين اصحابها.
كان تدمير عزبة سعيد أبوغوش (المتوفى 1936) على ايدي مجموعات الهاجانا في الأول من ابريل 1948. اقتحم اليهود العزبة في فجرذلك اليوم وهددوا أفراد العائلة بالقتل ان تأخروا عن الخروج. ولم يعطى لهم أكثر من ربع ساعة للخروج. فهربت العائلة مشيا على الأقدام باتجاه رام الله ثم الأردن. رحلوا إلى الأردن وبنيتهم الرجعة عندما تنتهي الحرب.
قال شهود عيان ان اليهود اخرجوا محتويات الفيلة قبل نسفها ودمروها تدميرا كاملا بعد ان قتلوا حارسها, ودمروا بئر الماء بالقرب من المنزل في نفس اليوم الذي أخرجت منه العائلة. ودمروا معصرة الزيتون وطاحونة الحبوب فيما بعد كما دمروا المستشفى الخاص للطبيب (ابن المرحوم سعيد أبوغوش المذكوراعلاه), الذي كان له عيادة في مدينة الرملة. ودمرت جميع القرى المجاورة فيما بعد (القباب وأبوشوشة وعمواس) في مايو 1948.
أما في داخل قرية ابوأبوغوش فتتابعت هناك موجتان من الهجرة: الاولى, حصلت مباشرة بعد تدميرعزبة أبوغوش وتهجيرالعائلة. ضمت تلك الهجرة هؤلاء الذين كانت لهم علاقة مباشرة مع المقاومة (عقدت اجتماعات سرية للمقاومة الفلسطينية عدة مرات في قرية أبوغوش). هاجروا هؤلاء إلى الأردن ولم يبقى منهم الا الشبان الذين كانوا قد انضموا إلى المقاومة الفلسطينية. اما الموجة الثانية, التي جاءت في اعقاب مذبحة دير ياسين في ابريل 1948 فكانت أكبر عددا وضمت الكثيرين من السكان. ولم يبقى في قرية أبوغوش بعد الهجرة سوى كبار السن ومن لم يقدرعلى الهروب.
وصلت المجموعات اليهودية المقاتلة إلى قرية أبوغوش في السابع من ابريل 1948 بعد ان قصفت الطائرات الحربية الصهيونية قرية أبوغوش لثلاث ليال متتالية, وواصلت طريقها إلى القدس دون اي تدخل عسكري من القرية.
كان مختار أبوغوش قد تعهد هو وبعض المخاتير من القرى المجاورة مثل دير ياسين وقرى اخرى بعدم القتال مقابل سلامة اهالي القرية. فاختار المخاتير سلامة اهالي القرية على ان يقاتلوا, لأن القرى لم تكن تمتلك اية آلة دفاعية. كانت المجموعات اليهودية منظمة ومتدربة على القتال وسلاحها متطور, في حين أن المقاومة الفلسطينية كانت عبارة عن افراد متطوعين غير متدربين وغير منظمين وسلاحهم قديم. اتخذ مختار أبوغوش قراره حينذاك بالنيابة عن اهالي قرية.
وبعد أن بعد الجيش اليهودي من القرية اشتبك مع المقاتلين الفلسطينيين بقيادة عبد القادر الحسيني. ودارت معارك عنيفة بين اليهود والفلسطينيين قرب القسطل التي تبعد عن أبوغوش حوالي كيلومتر واحد. واستشهد في معركة القسطل اغلبية المقاتلين كما استشهد قائدهم عبد القادر الحسيني.
بالرغم من أن قرية دير ياسين كانت من ضمن القرى التي وافقت على عدم القتال مقابل سلامة اهالي القرية, تعرضت هذه القرية لمذبحة همجية قام بها اليهود ضد الأهالي العزل. فقتلوا النساء والأطفال واغتصبوا البنات قبل قتلهن وشقوا بطن امرأة حامل في الشهر التاسع وأخرجوا الطفل من بطنها وقتلوه. يبرر اليهود تلك العملية بأن عند عبورهم الطريق إلى القدس اطلق النار عليهم من قبل افراد يبدو انهم من دير ياسين ولهذا حصل ما حصل. كان لمذبحة دير ياسين أثر كبيرعلى أهالي أبوغوش وسيطر الرعب عليهم فقرروا الرحيل خوفا على الأطفال والنساء. تركوا القرية بنية العودة.
وبعد انتهاء الحرب وتثبيت الهدنة حاول أهالي أبوغوش العودة إلى بيوتهم عبر الحدود الأردنية – الفلسطينية. ولكن الكثيرين منهم قتلوا على ايدي اليهود خلال عبورهم الحدود ومنهم نساْء وأطفال. كان اليهود يسمون هؤلاء الأهالي العائدين إلى بيوتهم “متسللين غير شرعيين” ويبررون قتلهم بتلك التسمية.
حوصرت قرية أبوغوش سنة 1949 لمنع اهالي القرية من العودة. وطرد اليهود هؤلاء الذين عادوا إلى القرية. مارس اليهود اجراءات لا انسانية في قرية أبوغوش وأخرجوا “المتسللين” من بيوتهم بالقوة. اعتقل هؤلاء “المتسللون” وتعرضوا للتعذيب وبعد فترة وجيزة نقلوا إلى حدود الأردن واطلق اليهود النارعليهم وهم يعبرون الحدود, فمات اغلبهم. (انظر كتاب بيني موريسو المؤرخ الإسرائيلي). وعاد الجيش الإسرائيلي وحاصر القرية مرة أخرى عام 1950 واعتقل الكثيرين منهم ولم يعرف أحد عن مكان المعتقلين والبعض يعتقد انهم قتلوا.
والان أبوغوش مثلها كمثل القرى العربية الأخرى تخضع لسلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 1948. وجميع الاراضي التي امتلكتها العائلة خارج القرية صودرت. ويبرر اليهود مصادرتهم لتلك الاراضي التي تمتلكها عائلة أبوغوش خارج القرية بأنها ” أملاك غائب” أو” أراض أميرية”. ولم يتبقى ملك لآل أبوغوش سوى الأرض التي بنيت عليها البيوت داخل القرية. ويعيش الكثيرون من ال أبوغوش الان في المهجر اغلبهم في الضفة الغربية وفي الأردن ظهر منهم الشهيد ياسر أبوغوش الذي اغتالته القوات الخاصةالاسرائيلية في الانتفاضة عام 1989في مدينة رام الله والشهيد سامي أبوغوش عضو الجبهة الديمقراطية الذي اغتيل هو وزوجته عام 1981 في بيروت.
وفي عام 1950 استولى الإسرائيليون على قرية بيت نكوبة القريبة من قرية أبوغوش ودمروا بيوتها لبناء مستوطنة يهودية هناك. فلجأ اهلها إلى قرية أبوغوش كحل مؤقت. والبعض منهم ما زال يسكن في القرية. وينظر اهالي أبوغوش إلى هؤلاء بأنهم غرباء غير مرغوب بهم في القرية. فأصبح هناك مشاكل مستمرة بين ال أبوغوش وهؤلاء “الغرباء” الذين لا ينتمون إلى العائلة. يقال ان البعض منهم اخذ اسم العائلة عن طريف الرشوة لكي لا يستطع أحد اخراجهم من القرية، وأبوغوش الان محاطة بالمستوطنات اليهودية ويسكن أبوغوش الان يهود ايضا. فالوضع الان يختلف عن السابق حيث كان سكان أبوغوش جميعهم ينتمون إلى عائلة واحدة. فمنذ 1950 ليس كل من سكن أبوغوش هو من عائلة أبوغوش وليس كل فرد من عائلة أبوغوش يسكن قرية أبوغوش.
فلسطين منذ ثمانيات القرن ال19
خلال الثمانينات من القرن التاسع عشر والفترة ما بعدها، تأزمت حالة المجتمعات اليهودية في أوروبا، وخاصة في شرقي أوروبا (المنطقة التي سكن فيه أغلبية اليهود في ذلك الحين)، حيث تعرضت لاضطهاد مكثف من قبل سلطات الإمبراطورية الروسية، ولسياسة لاسامية من قبل حكومات أوروبية أخرى. هذا بالإضافة إلى نمو الإيديولوجية القومية في أوروبا (التي بلغت ذروتها عند “ربيع الشعوب عام 1848) إلى بلورة الصهيونية، وهي إحدى الحركات القومية اليهودية المقامة آنذاك. حددت الحركة الصهيونية منذ نشوئها هدفا لها جمع جميع اليهود في بلاد واحد تصير موقع دولة يهودية، وفضلت “إيرتسيسرائيل” (أي فلسطين) كالبلاد حيث تقام هذه الدولة اليهودية لاعتبارها الوطن اليهود الأزلي.
نشأت الصهيونية في فترة تعزز فيها التأثير الأوروبي في الشرق الأوسط، حيث استولت بريطانيا على مصر ووسعت حدودها وجعلتها جزء من الإمبراطورية البريطانية وكذلك أقامت عدد من الحكومات الأوروبية مندوبيات وقنصليات في فلسطين الخاضعة للسلطة العثمانية. فاعتبرت هذه الحكومات أيضا فلسطين بلادا متعلقة بالشعب اليهودي، كما يتبين من خطاب نابليون بونابرت في أبريل 1799 عندما حاصر جيشه مدينة عكا، ومن وعد بلفور الصادر من قبل حكومة بريطانيا في نوفمبر 1917، وكذلك من مراسلات حسين مكماهون التي قال فيها المندوب البريطاني هنري مكماهون عن منطقة فلسطين أنه “لا يمكن أن يقال أنها عربية محضة” (السير مكماهون، 24 أكتوبر 1915)، وكانت الحكومات الأوروبية تشجع بشكل ما الهجرة اليهودية إلى فلسطين التي بدأت تتكثف منذ ثمانيات القرن ال19 إثر دعوة الحركة الصهيونية، والتي أدت إلى تأسيس تجمعات يهودية جديدة في فلسطين، خاصة في منطقة السهل الساحلي، حول القدس وفي مرج بن عامر.
الانتداب البريطاني
طابع بريد فلسطيني صادر في عهد الانتداب البريطانيفي 1917، ضمن الحرب العالمية الأولى، احتل الجيش البريطاني المتجه من مصر منطقة فلسطين، وفي 1922 تأسس الانتداب البريطاني على فلسطين بموجب قرار عصبة الأمم في مؤتمر سان ريمو عام 1920. وأشارت شرعة الانتداب إلى “وعد بلفور”، الذي كانت الحكومة البريطانية قد نشرته في 2 نوفمبر 1917، أساسا للانتداب (الفقرة الثانية من مقدمة الشرعة)، والذي قال إن: “حكومة صاحب الجلالة (البريطاني) تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين”. كان من ردود الفعل العربية الفلسطينية لوعد بلفور عقد أول مؤتمر وطني فلسطيني عام 1919 رافضا له.
في أبريل 1920 حدثت أولى الأزمات العنيفة بين العرب واليهود في سلسلة من الأزمات كانت ذروتها بين السنوات 1933 و1936 في ما يسمى بالثورة الفلسطينية الكبرى والتي تطورت بعد انتهاء الانتداب إلى ما يسمى بالقضية الفلسطينية أو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. في ثورة القدس عام 1920م احتشد الفلسطينيون من مختلف مدن فلسطين، في القدس يحتفلون كعادتهم كل عام بما يسمى موسم النبي موسى. وفي 4 ابريل اندلعت اشتباكات عنيفة بين المحتفلين واليهود المقدسيين. وبلغ عدد الضحايا في الاشتباكات 4 عرب و5 يهود بينما أصيب 23 عربيا و216 يهوديا بجروح.
أما العدالة البريطانية فحكمت على عدد من الزعماء العرب واليهود بالسجن بين 10 و 15 سنة مع الأشغال الشاقة، ولكنه أطلق سراحهم بعد عدة أشهر.
كما وتتابعت مظاهر الرفض العربي وتصاعدت أعمال العنف بين العرب والمهاجرين اليهود، ففي أغسطس 1929 تبدأ أعمال شغب تسفر عن مقتل 133 يهودي و 116 عربي.
الثورة الكبرى عام 1936:
تصاعدت الأحداث في فلسطين منذ مقتل عز الدين القسام ، وكان فرحان السعدي قد استمر بعده بتنظيم الهجمات المسلحة على القوافل البريطانية واليهودية في فلسطين حتى قبضت عليه القوات البريطانية ، وفي 15 ابريل 1936 اشتبك الفلسطينيون مع جماعة من اليهود الصهيونيين في طريق نابلس – طولكرم ، فقتل ثلاثة من الفلسطينيين ، وفي الليلة التالية قتل فلسطينيين قرب مستعمرة بتاح تكفا ، وفي اليوم التالي جرت اشتباكات بين العرب واليهود في يافا وتل ابيب قتل فيها ثلاثة من اليهود ، ففرض نظام منع التجول في يافا وتل أبيب ، واعلن قانون الطوارئ.
الاضراب العام وإعلان الثورة:
في 20 ابريل 1936 تألفت لجنة قومية في مدينة نابلس دعت البلاد إلى الإضراب العام المستمر حتى تبدل السلطات سياساتها ، واستجابت البلاد للدعوة وشمل الإضراب مختلف نواحي الحياة ، وفي 25 ابريل أجمعت الأحزاب على تشكيل لجنة عربية عليا بقيادة الحاج أمين الحسيني وعضوية ممثلين عنها ، ودعت هذه اللجنة إلى الاستمرار في الاضراب حتى تبدل الحكومة سياستها تبديلا تاما وتوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين ومنع انتقال الأراضي إلى اليهود وانشاء حكومة وطنية نيابية ، وعمت التظاهرات المدن الفلسطينية ووقعت اشتباكات.
العدوان الثلاثي عام 1956
في ليلة 29 أكتوبر سنة 1956 بدأت القوات الإسرائيلية بضرب سيناء ، في 5 نوفمبر دخلت القوات البريطانية بور سعيد وتعرضت بور فؤاد لهجوم من قبل القوات الفرنسية ، وظلت إسرائيل تحتل غزّة لفترة 6 أشهر حتى مارس 1957.
حرب 1967:
في عام 1967 قام الجيش الإسرائيلي باحتلال الضفة الغربية من نهر الأردن التي كانت في ذلك الحين جزء من الأردن ، كما احتلت قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية و هضبة الجولان السورية بالاضافة إلى مناطق أردنية اخرى في الشمال ، وعرفت هذه الحرب باسم حرب الايام الستة ، ودخلت القاموس الفلسطيني باسم النكسة.
وصدر عن مجلس الأمن القرار 242 في تشرين ثاني 1967 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران 1967 كما يدعو الدول العربية إلى الاعتراف بإسرائيل.
الانتفاضة الفلسطينية 1987 (أطفال الحجارة):
قام الفلسطينيون بهبة جماهيرية عام 1987 وحتى 1993 عرفت بإسمالإنتفاضة الأولى أو إنتفاضة أطفال الحجارة، كانت هذه الانتفاضة سببا في نشوء ضغوط دولية على إسرائيل.
فك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية
في شهر يوليو من العام 1988 قامت الحكومة الأردنية بناء على توجيهات من الملك الأردني حسين بن طلال باتخاذ سلسلة من الاجراءات التي اعتبرت إعادة تعريف للوضع القانوني للضفة الغربية بالنسبة للأردن ، فلم تعد الضفة الغربية جزء من الأردن تحت الاحتلال ، واصطلح على هذه الخطوات بتسميتها “فك الارتباط”.
الانتفاضة الفلسطينية 2000 (انتفاضة الاقصى)
كانت بداية انتفاضة الاقصى في تاريخ 28/9/2000 ردة فعل شعبية على دخول ارئيل شارون أحد باحات المسجد الاقصى المبارك.
في يونيو حزيران 2002 بدأت الحكومة الإسرائيلية ببناء جدار فاصل داخل الضفة الغربية، قائلة بأن الهدف من بناء الجدار هو حماية مواطنيها من “الهجمات الإرهابية” والحفاظ على أمنها، وأدى بناء الجدار إلى تحديد الحركة بين مناطق الضفة الغربية، كما حدّ من الحركة إلى إسرائيل بالإضافة إلى خلق مناطق مغلقة وجيوب محصورة خلف الجدار لا يستطيع السكان الفلسطينيون الوصول إليها إلا بتصاريح خاصة، وكذلك إلى حصر ما يقدر ب 5000 فلسطيني خلف الجدار.
في 9 يناير 2005 استلم محمود عباس لمنصب الرئاسة للسلطة الوطنية الفلسطينية بعيد وفاة ياسر عرفات الذي يظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته وإقامة انتخابات رئاسية. وعام 2006 أقيمتالانتخاباتالتشريعية الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أسفرت عن نجاح حركة حماس بالأغلبية النيابية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو ما اعتبر تغيير كبير على الخارطة السياسية الفلسطينية، وتعرض الفلسطينيون بعدها لضغوط دولية تمثلت في تغيير سياسة الدول المانحة في تحويلها للأموال للسلطة الوطنية الفلسطينية أو إيقافها تماما مما أدى إلى ضائقة مالية خانقة تعرضت لها مؤسسات السلطة، كما ظهرت خلافات داخلية عدّة تطورت أحيانا إلى مواجهات مسلّحة على خلفية خلافات سياسية بين الفصائل الفلسطينية.
المصدر: جامعة فلسطين – غزة