الأخبار

” الكنائس تخضع لثلاث سلطات وليس لنا صلاحيات على تلك الواقعة بأراضي 1948″

في حديث خاص اجراه السيد حنا عميره لجريدة القدس، الكنائس تخضع لثلاث سلطات وليس لنا صلاحيات على تلك الواقعة بأراضي “1948”. في حين اعرب عن نجاح اللجنة في استصدار مرسوم بالإعفاء الضريبي عن الممتلكات الكنسية وعن اتمرارية علمها على استعادة الممتلكات. وفي قضية الراهب أركاديوس، قال: اعتقال الراهب اركاديوس لم يكن على خلفية دفاعه عن الأراضي بل كان على خلفية تهديده للبطريرك بالقتل.

النص الكامل للمقابلة: 

القدس – حوار: وليد أبو سرحان – باتت عمليات تسريب الاراضي التي تتم من خلال صفقات تأجيرها لمدة ٩٩ سنة لشركات ومستثمرين اجانب خطر يهدد املاك الكنائس في فلسطين، والتي تصل بنهاية الامر ليد الشركات الاستيطانية الساعية للتهويد وطمس المعالم الاسلامية والمسيحية على حد سواء في فلسطين.
وفي ذلك الاتجاه كشفت مصادر اسرائيلية مؤخرا عن تأجير ١٠ دونمات من اراضي البطريريكة الارثوذكسية في منطقة “ابو طور” بالقدس الغربية لمستثمر يهودي بريطاني يعتزم تشييد مبان استيطانية عليها تشمل فندقا فاخرا وغيره من المباني.
وللوقوف على تفاصيل تلك القضية ومدى التصدي الفلسطيني لعمليات تسريب الاراضي التابعة للبطريركيات والكنائس، كان هذا اللقاء مع حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين: 



* بصفتك رئيس اللجنة الرئاسية العليا للكنائس وعضو اللجنة التنفيذية ما هو موقف السلطة بشأن ما نشر مؤخرا من تسريبات للاراضي التابعة للبطريركية الارثوذكسية لمستثمرين يهود أو شركات اجنبية؟


– ما نشر مؤخرا يتعلق بأرض مساحتها 6 دونمات في القدس الغربية حوض 30019 قطعة رقم 73 ويقع فيها كنيس ودير وعدد من البيوت اليهودية القديمة التي تعود لما قبل العام 1948. وبعد الذهاب الى المكان ومراجعة البطريركية في الموضوع تبين أنها صفقة وقعها بطريرك سابق في عام ١٩٩٥ مع شركة اسرائيلية تسمى سيدرون للعقارات لبناء غرف فندقية في تلك المنطقة ولكنه تراجع عنها في نهاية العام 1996، وطلب مبلغا اضافيا من المال خارج الاتفاق ونتيجة لذلك رفعت الشركة الاسرائيلية التي تعاقد معها دعوى قضائية ضد البطريركية، وعّين نتيجة المحكمة مُحكم – وعندما يتم تعيين مُحكم تكون قراراته نهائية ولا يجوز الإستئناف عليها- وكان هذا المُحكم هو مئير شمجار ، الرئيس السابق للمحكمة العليا الاسرائيلية والذي حكم لصالح الشركة الاسرائيلية بمبلغ حوالي 6,5 مليون دولار ، مع فوائد بنسبة 14 بالمئة كل عام وكان هذا القرار في العام 2001 لكن البطريركية اهملت القرار، وبعدها توفي البطريرك ثيودورس الذي عقد الصفقة وجاء بعده البطريرك ( إرينيوس) الذي كان مسؤولا عن تسريب أملاك باب الخليل “فندق امبريال وفندق البتراء”، لكنه بدوره تجاهل قرار الحكم وتصاعد المبلغ الى أن وصل الى 41 مليون شيكل في العام 2005، اي مع قدوم البطريرك الحالي ثيوفيلوس الثالث بعد خلع البطريرك السابق ارينيوس على خلفية صفقة الفندقين وغيرها من التجاوزات وقد وجد البطريرك الجديد نفسه امام ديون على البطريركية بقيمة ٤١ مليون شيكل، اضافة الى تعيين قيم على اراضي البطريركية في منطقة مار الياس قرب بيت لحم اي في حدود الضفة الغربية تبلغ مساحتها اكثر من ٨٠٠ دونم وكذلك تم الحجز على حسابات البطريركية في البنوك وعين قيم من اجل البيع لتسديد المبلغ.


*وهل القيم إسرائيلي؟

-
بالطبع اسرائيليا وكان امام البطريرك الحالي إما ان يدفع المبالغ بقيمة 41 مليون شيكل أو أن تباع الاراضي المحجوز عليها في مار الياس ومناطق اخرى بأرخص الاثمان وكذلك استمرار الحجز على حسابات البطريركية في البنوك . إلا أن البطريرك قرر طلب المساعدة من اليونان، فقدمت حوالي 3 ملايين دولار واستطاع تأمين مليونين آخرين ، وفي النهاية اتفق مع ممول بريطاني يهودي من أجل إقامة فندق وقاعة مؤتمرات للبطريركية على ثلث مساحة الارض وباقي المساحة يقيم عليها المستثمر المذكور شقق سكنية يتصرف بها كما يريد.


* افهم بأنه تم العودة مرة آخرى لتأجير ارض ابو طور لمستثمر يهودي في بريطانيا؟


- نعم للبطريركية ارث سابق طويل في قضية الاراضي ، واما الوضع الناشىء فقد كان يهدد بالإستيلاء على اراضي مار الياس في مناطق السلطة الوطنية وإختار البطريرك هذا الطريق لانقاذ ما يمكن انقاذه وفي حينه نشرت جريدة “القدس” على صفحتها الاولى بتاريخ 28 تشرين اول عام 2006 ان البطريرك ثيوفيلوس الثالث ينقذ اكثر من الف دونم في القدس من ايدي المستوطنين وفي 16 كانون اول من نفس العام نشرت مقالا اخر بنفس المضمون . انا لا ادافع عن هذه الصفقة او اية صفقات اخرى ولكن اسرد الحقائق كما اطلعنا عليها واقول ان هذه الصفقة تمت خارج حدود العام 1967 وان الخيارات امام البطريرك الحالي كانت محدودة وللعلم فان تسريب المعلومات عن هذه الصفقة جاء بسبب احتجاج السكان اليهود في تلك المنطقة عليها. 


* ما هو موقف السلطة الوطنية من عمليات تأجير اراضي تابعة للكنيسة لمستثمر يهودي؟ 


– لقد تم عقد اجتماع في فترة اعياد الميلاد ببيت لحم تحدث خلالة الرئيس ابو مازن وأعلن بأن السلطة الوطنية رفضت وترفض كل أنواع التسريبات والصفقات التي تفرط بممتلكات الكنيسة ، وموقفنا واضح جدا بشأن الموضوع.


* هل لديكم صلاحيات أو سلطة تمارس على البطريركية ام هي خارج سيطرتكم ولا يمكنكم ممارسة اي دور سيادي عليها؟


– كان الهدف الاساسي من تشكيل اللجنة الرئاسية العليا للكنائس في فلسطين هو تنظيم العلاقة بين السلطة الوطنية والكنائس وضبط العلاقة ووضعها في قنوات سليمة وايجاد مرجعية للكنائس في مختلف القضايا. ومنذ حوالي الاربع سنوات تم تعيين هذه اللجنة بقرار من الرئيس ابو مازن وخلال هذه السنوات تم ضبط العلاقة بشكل كبيروضمن قناة واحدة، وتوصلنا الى اتفاقيات وتفاهمات لحل العديد من الاشكالات والخلافات وخاصة ما يتعلق بموضوع الاراضي وفي نفس الوقت يجب أن ندرك أن الكنائس تخضع لثلاث سلطات وبالتالي فإن إمكانية التدخل في قضايا تخص سلطات أخرى صعب جدا.


*هل لدى السلطة الوطنية في وضعها الحالي سلطات واضحة تجاه الكنائس؟
ج: هذه السلطات هي في حدود العام ١٩٦٧ ، ويوجد تفاهم بيننا من أجل المصلحة العامة والتعاون المشترك ، وكذلك لدينا اتفاقية التعاون والاعتراف المتبادل الموقعة مع الفاتيكان وهي ايضا ضمن حدود العام 1967 أما في حدود العام ١٩٤٨ فمن الناحية الرسمية لا يوجد لنا اي صلاحيات.

* هل هذا مبرر كاف لتسريب الاراضي من جانب البطريركية؟


– يوجد هناك إرث سلبي للبطريركية في موضوع الاراضي خلال عشرات السنين وهي تتحمل كامل المسؤولية عما يجري وليس السلطة الوطنية، وبالفترة الاخيرة وبعد تشكيل اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس بدأت الامور تتجه بالإتجاة الصحيح وخاصة في حدود دولة فلسطين.


* هل لديكم وثائق وأدلة بأن البطريركية قامت بتسريب الاراضي؟


– قبل حوالي 65 عاما تم تسريب اراضي في حدود العام ٤٨ ونحن غير مسؤولين عما حصل قبل خمسين عاما.


* بالرجوع لموضوع ال ١٠ دونمات التي تم تأجيرها لشركة أجنبية، هل تحققتم من طبيعة هذه الشركة ؟


– كما علمنا أنه ملياردير بريطاني يهودي ، ولا يوجد معلومات اخرى
.

* كونه ملياردير يهودي هل هناك خشية فلسطينية بأن تكون في طريقها الى المستوطنين؟


-المنطقة التي تتحدث عنها هي اصلا داخل حي يهودي في منطقة ١٩٤٨ وهي ضمن اراضي ال ٤٨.


* هل من حق البطريركية تأجير اراضٍ؟

– طبعا لها حق تأجير اراضي ولكن تأجيرها لمستثمر يهودي هذا لا يجوز، وكما قلنا سابقا فأنه إرث سابق ولا يمكن تحميل اعباءه كلها للبطريرك الحالي.


* البطريركية الارثوذكسية تبرر بأن لديها أزمة مالية وهذا ما دفعها الى عملية التأجير،هل هذا مبرر مقنع للبطريركية للقيام بتلك الممارسات؟


– لا ليس مبررا ولا مقنعا ولكن جميع الكنائس والمؤسسات المسيحية تعاني من عجز مالي، وهي باستمرار

تبحث عن داعمين لتغطية هذا العجز واقول ذلك عن معرفة باوضاعها، وللعلم فان الكنائس تتحمل العبء المالي لحوالي 30 بالمئة من الخدمات التعليمية والطبية –مدارس ومستشفيات – ولا تتلقى منا اي دعم لمساعدتها في ذلك …لقد نجحنا قبل اكثر من عام في استصدار مرسوم رئاسي باعفاء ممتلكات الكنائس وعقاراتها من الضرائب والرسوم لكن هذا لا يكفي ويتوجب عمل المزيد من اجل تعزيز وجود المسيحيين في هذه البلاد ووقف هجرتهم. وبالرغم من هذا الواقع الصعب فأن اللجوء لإستخدام الممتلكات والاراضي التابعة للكنائس لسد العجز هو أمر غير مقبول، لأن تأجير هذه الاراضي سينتهي بيوم من الايام ويصبح بعد ذلك الخطر اكبر بكثير.

* هل تدخلتم انتم كقيادة فلسطينية وكسلطة وطنية لتمويل هذة الكنائس ولسد العجز المالي لإنقاذ اراضيها من خطر التسريب الي المستوطنين؟


– واضح أن وضع السلطة صعب من الناحية المالية، ولكننا استطعنا كما اشرت سابقا الى استصدار مرسوم رئاسي بإعفاء ممتلكات الكنائس من الضرائب وهذا يخفف من أعباء دفع الضرائب والرسوم على اراضيها، ونحاول ايضا ايجاد اطراف وجهات لدعم المؤسسات التابعة للكنائس وخاصة أن الكنائس تتحمل مسؤوليات كبيرة في المجالين التعليمي والصحي وغيرهما من ميزانياتها . هذا اضافة الى الحاجة لعملية اصلاح داخلي بأنظمة الكنائس .

*وماذا بشأن قضية الراهب اركاديوس فقد كان له دور كبير في حماية اجزاء كبيرة من اراضي الكنائس ويتبنى الموقف الفلسطيني قلبا وقالبا وتم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية وتسليمه لإسرائيل التي ابعدته الى قبرص . هل هذا امر معقول ان تعتقل السلطة راهبا مؤيدا للفلسطينيين وتسليمه لاسرائيل؟


– اعتقال الراهب لم يكن على خلفية دفاعه عن الاراضي بل كان على خلفية تهديده للبطريرك بعد أن قدم البطريرك شكوتين خطيتين بحقه الى السلطة مفادهما ان البطريرك يتعرض للتهديد من الراهب المذكور بالقتل، وقد جرى اتصال مع اركاديوس ومناقشة الامر معه على اعلى المستويات وابلاغه بان السلطة لا تتحمل الاعتداء على شخصية دينية وخاصة اذا كان بطريركا، وبالتالي يجب عليه إلتزام حدوده ولكنه ولاسفنا الشديد رفض ذلك. 


* ماهي خلفيه التهديد؟


– لان البطريرك اراد تأجير قطعة ارض في بيت ساحور مساحتها دونم لأحد المواطنين في بيت ساحور والراهب اركاديوس رفض وهدد البطريرك بالقتل فتم انذاره اكثر من مرة بالتوقف عن ذلك وجرى الاتصال معه من اكثر من شخص وطلب منه ان لا يذهب الى الكنيسة بوجود البطريرك، ولكنه حاول التسلل الى داخل الكنيسة من الخلف ، وضبط ومعه آلة حادة، وبعد ذلك جاء طلب بابعاده عن الدير وتم ترحيله.

* على ضوء التقارب الاخير بين الحكومتين اليونانية والاسرائيلية، هل تعتقد أن ذلك سيؤثر على سياسة ونهج البطريركية وما هو موقفكم من ذلك؟ 


– نحن فوجئنا من مواقف الحكومة اليونانية الاخيرة وخاصة موقفهم الرافض لوسم بضائع المستوطنات كما قرر الاتحاد الاوروبي وهذا شيء مفاجئ بالنسبة لنا وكذلك الزيارة الاخيرة لرئيس وزراء اليونان الى اسرائيل مع عدد من وزرائه وذهابهم الى قبرص مع نتنياهو، وهذه الصفقات المشتركة والتعاون الاقتصادي باتت تنعكس في مواقف سياسة مشتركة بينهم . وتقليديا كانت اليونان مؤيدا وداعما للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ونذكر انه عندما خرج الرئيس ابو عمار من بيروت ذهب الى اليونان ولكن الان نرى هذه السياسة تتأثر بالازمة الداخلية باليونان، علما بان رئيس وزراء اليونان جاء زيارتين للمنطقة، وفي الزيارة الاولى جرى استقباله في كنيسة القيامة، وقد كنت باستقباله مع الاخ عدنان الحسيني وزير القدس ومع الاخ عيسى قسيسية سفير فلسطين في الفاتيكان ومثل هذا الحضور يحدث لاول مرة في كنيسة القيامة وكان هناك احتجاج اسرائيلي لاستقباله كيف نستقبل كفلسطينيين رئيس وزراء اليونان بكنيسة القيامة، وتم ذلك الاستقبال بترتيب من البطريرك، واعتبرنا بان الامور تسير بشكل جيد إلى ان جاءت الزيارة الثانية والمواقف المعلنة التي ادت الى ردود فعل سلبية. 


*لكن هذا التقارب هل سينعكس على سياسة البطريركية؟ 


– نأمل الا ينعكس ذلك علينا هنا لان اليونان كانت داعمة للبطريركية في السابق ومع الازمة الداخلية الحالية باليونان فانها اصبحت لا تقدم اي مساعدات للبطريركية.

* ما هي سلطات السلطة الوطنية على الكنائس؟

– هي سلطة ضمن القانون الفلسطيني وما يعرف بـ “الستاتيسكو” اي ترتيبات الوضع الراهن السارية منذ عشرات السنين، وبالمناسبة نحن نعترف هنا بـ 13 كنيسة. 


* وهل تخضع فعلا الكنائس الى القانون الفلسطيني؟

– نعم ، وهناك ما يسمي اجراءات الوضع الراهن المتعارف عليها منذ عشرات السنين والتي ايضا تحميها وتحافظ عليها السلطة المدنية. 


* هل تخشى من عملية تسريب اراضٍ تجري حاليا ؟


– غير الصفقة الاخيرة لم نسمع عن اي شيء آخر، ونحن سنعمل لدعم الكنائس على تجاوز ازماتها واستعادة ممتلكاتها اذا امكننا ذلك .

 

Print Friendly, PDF & Email
Shares: