الأخبار

موقع دير القديس هيلاريون

الموقع الجغرافي:

يقع موقع دير القديس هيلاريون على تل مرتفع من الرمال، وتحديداً على بُعد 10 كم جنوب غرب غزة، وعلى بُعد 3.5 كم غربي بلدة النصيرات، فيما يبعد عن ساحل البحر نحو (500) متر تقريباً.

تاريخ الموقع:

استناداً إلى حالة الموقع المتطابق مع التعريف بدير القديس هيلاريون المشهور في النصوص القديمة، و نتائج التنقيبات الأثرية بالموقع؛ أظهرت وجود أكبر الديماسات الكنسية التي لم يُعثر على مثلها في فلسطين من حيث المساحة والتصميم، ويُعتقد أن هذا الديماس الكنسي الواقع غرب الموقع، هو الديماس الكنسي الأول، الذي ضم قبر القديس هيلاريون مكان الصومعة الأولى التي اتخذها هيلاريون لنفسه في منتصف القرن الرابع الميلادي.

أهمية الموقع:

يُعد دير القديس هيلاريون، أحد أهم أقدم الأديرة في فلسطين وبلاد الشام، و القديس هيلاريون هو أول مَنْ أدخل نظام الرهبنة في فلسطين بعد تتلمذه على أيدي القديس أنطوني في صحراء مصر، والذي يُعد المؤسس الحقيقي لنظام الرهبنة.

وقد وضع القديس هيلاريون صومعة له في موقع ( خربة أم عامر- النصيرات)في سنة 329م، وكان المكان يشرف على الطريق بين مصر وفلسطين، وخلال ثلاثين عاماً زادت شعبية هيلاريون، حيث أصبح يحيط به (400) شماس-هي رتبة كنيسة-، وقاموا بتنظيم بعض العمائر الخفيفة حول الكنيسة.

وفي عام 362م، كان وصول الإمبراطور ( جوليان المرتد) للعرش الروماني سبباً في إجبار هيلاريون على الهرب، وتدمير ديره في النصيرات، وقد أُعيد بنائه فيما بعد.

وتوفي هيلاريون في قبرص عام 371م، وقد قام أحد تلاميذه بنقل جثمانه إلى غزة، ودُفن في المكان نفسه، الذي بنى فيه صومعته الأولى.

وفي القرن السادس الميلادي؛ حدث ازدهار وتطور عمراني في غزة، خاصة في عهد الإمبراطور (جستنيان)(528-565)، واتضح ذلك في عملية تطور المعالم المعمارية لدير القديس هيلاريون، والتي صاحبت الرخاء الاقتصادي والثقافي في تلك الفترة.

وخلال الفترة الأموية(662-750م)، استخدم في الطرف الغربي من الدير كمقر أموي، وذلك خلال القرن الثامن الميلادي، إذ عُثر على قطعة نقد برونزية من فئة فلس تعود إلى العام الهجري المائة، منسوبة إلى عهد الخليفة الأموي( عمر بن عبد العزيز).

وفي عام 747م، ضربت غزة هزة أرضية قوية، كانت سبباً في الهجر النهائي للمكان؛ الذي استغل في العصر الإسلامي محجراً، لإعادة استخدام الحجارة في البناء بالمباني الخاصة بالقرى والمدن المجاورة.

الوصف المعماري للموقع:

يتكون دير القديس هيلاريون من مجموعات معمارية عديدة محاطة بسور خارجي من الحجر المهندم، مسنود بالدعامات الحجرية؛ ، ويحتوي الدير على مجموعة من القاعات والغرف والأفنية والممرات، بلغ عددها قرابة 245 مرفق.

وينقسم الدير إلى مجموعات معمارية عدة, هي:

الجزء المعماري الأول:

يشمل معظم الجزء الشمالي من الدير، ويحتوي على العديد من الغرف والمرافق الخدمية.

الجزء المعماري الثاني:

يشتمل على مجموعة معمارية ، يتخللها المدخل الرئيس للدير في الركن الشمالي الغربي، وأرضية المدخل مرصوفة ببلاط من الحجر الجيري المهندم,ويؤدي الى رواق, وهو واحد من اربعة اروقة تحيط بالفناء الرئيس المكشوف, تتوسطه نافورة مياه.

الجزء المعماري الثالث:

يشتمل على عدد من الغرف والقاعات والممرات ,يفصلها عن الكنيسة ممر طويل مرصوف بالحجر الرملي المهندم، و أهم هذه الغرف، تلك التي تميزت بأرضية من الفسيفساء، والتي كانت على شكل أوراق نباتية طرفها الأمامي يشير إلى اتجاه الجنوب يتوسطها رسم لزهرية رسمت بنفس اتجاه الزخارف أيضاً، ويتدلى منها أوراق شجرة الكرمة، وقد سبق الإشارة لمثل هذه اللوحات الزخرفية التي امتازت بها مدرسة فسيفساء غزة.

والأرضية الثانية كانت في أحد الغرف الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من الدير، إذ يظهر شريط من الفسيفساء عبارة عن أشكال هندسية متنوعة داخل مربعات تحصر أشكال معينات، وقد احتوىالجزء السفلي منه على رسم لأحد الأنهار، وما بداخله من أسماك.

الجزء المعماري الرابع:

وهو المجموعة الكنسية، وقد تم العثور على ثلاث كنائس بُنيت في مكان واحد على مراحل زمنية مختلفة، ابتداءً من منتصف القرن الرابع، وحتى السابع الميلادي، فقد كشفت التنقيبات الأثرية التي تمت في الموقع عن وجود ثلاث أرضيات ضمن ثلاث طبقات أثرية، وكل طبقة تمثل مرحلة من مراحل توسعة الكنيسة بعد هدمها، وبناء كنيسة أوسع من السابقة لها.

كانت آخرها الثالثة، الأكبر مساحة، والأحدث عهداً، والكنيسة كانت قد بُنيت على النظام البازيليكي.

الجزء المعماري الخامس:

تُشكل هذه المجموعة المعمارية التصميم المعماري العام للديماس الكنسي للدير، ذلك القبو الذي يحتوي على رفات القديس هيلاريون؛ الذي وُضع بداخل تابوت رخامي، بطراز روماني، وكان الترتيب المعماري للدخول والخروج من وإلى الديماس، بواسطة سلَّمين، كان لهما مدخلان في الجزء الشرقي من الرواقين الشمالي والجنوبي للكنيسة ، وتبقى الأساسات فقط من تلك السلالم في الغرفتين. ويُبنى الديماس الكنسي في الكنائس المهمة فقط، والتي تتمتع بقدسية خاصة، كما نلاحظ أن الديماس الكنسي الذي عُثر عليه في موقع دير القديس هيلاريون , وهو الأكبر من حيث المساحة، وكذلك من حيث التميز الدقيق في البناء المعماري، وكذلك من حيث التصميم المُصلب الشكل، وهذا ما يُعطي موقع دير القديس هيلاريون أهمية كبيرة من حيث القداسة في الديانة المسيحية.

أعمال الترميم والصيانة في موقع دير القديس هيلاريون:

من أهم أعمال الصيانة والترميم التي تمت في موقع دير القديس هيلاريون، كان ما يأتي:

  1. تنظيف الموقع من الحشائس والأعشاب التي تنمو في المكان بصورة دورية.
  2. البحث والتنقيب عن الأرضيات الخاصية بالثلاث كنائس ضمن المجمع الكنسي في الموقع، وقد تم العثور على بقايا الأرضيات؛ الثالثة؛ فالثانية؛ فالأولى؛ وهي الأقدم.
  3. تنظيف السور الغربي في منطقة الديماس، وتهيئته لعملية الترميم التي ستتم في المكان حيث تم إعادة بناء الجدار الغربي للديماس باستخدام أحجار أثريةتم تجهيزها وتنظيمها وتهذيبها في المكان، مما سيفتح آفاق جديدة في زيادة أعداد الزوار من داخل غزة وخارجها للموقع، وبالتالي زيادة الوعي التاريخي والأثري بهذا الموقع المميز؛ الذي تسعى وزارة السياحة والآثار لوضعه على قائمة التراث العالمي في فلسطين.
Print Friendly, PDF & Email
Shares: