بروح الحوار والتعاون، ينظر اليوم مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في القانون الأساس في يهودية الدولة، الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي في ١٩ تموز ٢٠١٨.
شرّعَتْ دولة إسرائيل بهذا القانون أنّ الشعب الذي تهتمّ “لخيره وسلامته”، ويهمُّها أن تدعمه وتحميه، إنما هو محصور فقط في المواطنين اليهود في دولة إسرائيل. ومن واجبنا أن نلفت نظر السلطات إلى واقع بسيط، وهو أنّ مؤمنينا المسيحيّين وكذلك المسلمون والدروز والبهائيون، كلُّهم عرب، وليسوا أقلَّ مواطنة في هذا البلد من إخوتهم وأخواتهم اليهود.
منذ صدور “إعلان الاستقلال” في أيار ١٩٤٨ لاحظ المواطنون العرب في دولة إسرائيل التعارض الموجود في صيغة الإعلان الذي قال إنّ دولة إسرائيل هي في الوقت نفسه “ديموقراطية” و”يهودية”. وقد ظلَّت الأكثرية اليهودية تبدّل التوازن بين هاتين العبارتين، بينما ظلّت الأقلية العربية تصارع مظاهر التفرقة كلما تغلَّبت صفة “اليهودية” على صفة “الديموقراطية”. كان هناك إذًا دائما صراع وحذر شديد من أجل الدفاع عن حقوق جميع المواطنين، وضمان قيم المساواة والعدل والديمقراطية للجميع. وكان إعلان الكنيست الإسرائيلي عام ١٩٩٢ للقانون الأساس عن “الكرامة الإنسانية والحرية”، محطة حاسمة في الصراع من أجل حماية هذه القيم ودعمها.
أما إعلان الكنيست عام ٢٠١٨ للقانون الأساس، “إسرائيل دولة يهودية فقط” وللشعب اليهودي فقط، فقد كان نقضًا صريحًا لهذه القيم نفسها. ولو أن القانون لم يغير سوى القليل من حيث الممارسات التي كانت قبل القانون والتي كانت تميز بين المواطنين، إلا أن القانون الجديد أصبح يوفِّر لها أساسًا قانونيًّا، إذ وضع أساسات واضحة تؤكد أنّ لمواطنين اليهود هم أعلى وفوق سائر المواطنين. يقول القانون أيضًا إن الدولة تهتم “لتنمية المستوطنات اليهودية وتعتبرها قيمة قومية، وسوف تعمل على تشجيعها وزيادتها وحمايتها”: تَكمُن في هذه المادة رؤية صريحة مبنية على التفرقة بين المواطنين. علاوة على ذلك، هناك الحطّ من مكانة اللغة العربية بالنسبة إلى اللغة العبرية، فيتجاهل القانون بصورة كاملة أنّ هناك شعبًا آخر، هم الفلسطينيون العرب من أتباع الديانات الأخرى، المسيحيين والمسلمين والدروز والبهائيين، وكلُّهم متجذِّرون منذ القدم في هذه الأرض.
نحن المسيحيين، مع المسلمين والدروز والبهائيين واليهود، نطالب بأن نعامَل كمواطنين على أساس المساواة الكاملة. هذه المساواة يجب أن تشمل الاعتراف والاحترام لهويتنا المدنية (مواطنون إسرائيليون) والتاريخية (فلسطينيون عرب) والدينية (مسيحيون)، كأفراد وكجماعات. نحن مواطنون إسرائيليون وفلسطينيون عرب ونسعى لأن نكون جزءًا من دولةٍ تدعم العدل والسلام، والأمن والازدهار لكل مواطنيها. ونفخر كمسيحيين بأن الكنيسة الجامعة تأسّست في القدس، وكان أول مؤمنيها من أبناء هذه الأرض وشعبها. ونعترف بأن القدس وكل الأرض المقدسة إنما هي تراث مشترك لجميعنا، لليهود والمسلمين والدروز والبهائيين، وكلنا مدعوون لحماية هذا التراث من الانقسامات والتفرقة والصراعات الداخلية.
القانون الأساس هذا يناقض التوجهات الإنسانية والديموقراطية في القانون الإسرائيلي، ويناقض الشرائع الدولية والاتفاقات التي وقَّعَت عليها دولة إسرائيل، وكلُّها شرائع تهدف إلى دعم حقوق الإنسان واحترام التنوع وترسيخ العدل والمساواة والسلام. نحن، الرؤساء الدينيين في الكنيسة الكاثوليكية، ندعو السلطات الإسرائيلية إلى أن تُلغِيَ هذا القانون الأساس، وتعلن وتضمن بصورة دائمة أن دولة إسرائيل تسعى فعلًا لدعم وحماية خير وسلامة كل مواطنيها.