الأخبار

دراسة: المؤسسات المسيحية العاملة في فلسطين هي ثالث أكبر مشغّل للشعب الفلسطيني

نظمت كل من كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة في بيت لحم، والبعثة البابوية في القدس، اليوم الثلاثاء الموافق 16 آذار 2021، مؤتمرًا صحفيًا إلكترونيًا لإعلان نتائج الدراسة المسحية للمؤسسات المسيحية العاملة في فلسطين.

وتناولت الدراسة دور المؤسسات الكنسية المسيحية في فلسطين وأثرها على المجتمع، حيث تم تكليف المستشار التنموي جورج عكروش، من مدينة القدس، القيام بهذه الدراسة والتي استمرت لمدة 5 أشهر، وهدفت إلى استكشاف طرق للحفاظ على وجود مسيحي قوي وحيوي في فلسطين من خلال دراسة دور ومساهمات العديد من المنظمات المسيحية العاملة في المنطقة. وقد تلهم هذه الدراسة المزيد من البحث الذي من شأنه أن يكمل جهود الكنائس للاستجابة للاحتياجات المتزايدة للمجتمع الفلسطيني.

نتائج الدراسة

وعرض الباحث عكروش نتائج هذه الدراسة الشاملة الجديدة، والتي كشفت عن المساهمات البارزة للمنظمات المسيحية المختلفة العاملة في فلسطين وتأثيرها الحاسم على المجتمع الفلسطيني المحلي في جميع القطاعات، كما وأثبتت الدراسة أنه وبالرغم من تضاؤل أعداد المسيحيين في فلسطين بسبب نزيف الهجرة، فقط استمرّ العمل المسيحي التنموي والإنساني في الازدهار من خلال تقديم الدعم اللازم والحيوي لأفراد الشعب الفلسطيني على اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية.
 

وشملت الدراسة 296 مؤسسة مسيحية في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة (93 مدرسة وجامعة ومركزًا مهنيًا، و19 مرفقًا للرعاية الصحية، و47 مؤسسة حماية اجتماعية، و77 مركزًا ثقافيًا وسياحيًا، و38 مركزًا للشباب والكشافة، ومركزًا بيئيًا واحدًا، و21 وكالة تنمية محلية ودولية، والتي تقدم مجموعة متنوعة من الخدمات لمئات الآلاف من الفلسطينيين كجزء من هويتها وثقافتها المسيحية.

وأظهرت الدراسة أنّ المؤسسات المسيحية الـ296 هي ثالث أكبر مشغل للشعب الفلسطيني بعد السلطة الوطنية الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وقد تجاوزت طاقتها التشغيلية أكبر الشركات الفلسطينية العاملة في القطاع الخاص بإجمالي قدرة تشغيلية بلغت 9098 موظفًا (5017 مسيحيًا، و4081 مسلمًا).

أما فيما يتعلق بالموارد المالية المستثمرة، فأشارت الدراسة إلى أنّه يتمّ إنفاق 416 مليون دولار أمريكي (416.000.000 دولار أمريكي) على أساس سنوي في قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحيّة والتعليم والخدمات الاجتماعية والتدريب المهني وتدخلات المساعدة الإنمائية.

وفيما يتعلق بالعدد الإجمالي للمستفيدين، فإن منظمات الإغاثة المجتمعية تقدم خدمات لما يقرب من 37٪ من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. كما أثبتت الدراسة أن خدمات المنظمات التنموية والاغاثية المسيحية تحسن جودة الحياة لأكثر من 1.9 مليون فلسطيني كل عام.

فعلى سبيل المثال، أربعة من أصل ستة مستشفيات متخصصة (67٪) في مدينة القدس هي تابعة للكنائس، وتقوم بعلاج أكثر من 330 ألف مريض كل عام، وتقدّم رعاية عالية الجودة من غسيل كلى للأطفال، وخدمات سرطان الأطفال، وعمليات قلبية معقدّة، وصحة الأم الخاصة، وبنك الدم والعناية بالعيون، وغيرها من الخدمات المتطوّرة للأشخاص ذوي الإعاقة.

تجذّر وتجسّد في المجتمع

وخلال المؤتمر الصحفي، أكد القس الدكتور متري الراهب مؤسس ورئيس دار الكلمة الجامعية، أنّه “بالرغم من تناقص أعداد المسيحيين خاصة جراء الكنبة والنكسة وسياسات المستعمر الاسرائيلي، إلا أن دور الكنائس والمؤسسات الكنسيّة ما زال واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وهذا ما أكدته مرة اخرى هذه الدراسة، فالمسيحيون الفلسطينيون وان لم يكونوا عددًا، فإنهم بمؤسساتهم نوعًا وملحًا في الأرض الفلسطينية وجزء لا يتجزأ من النسيج الفلسطيني ومن الشعب الواحد الذي لا يقبل القسمة على اثنين”.

أما السيد جوزيف حزبون، المدير الإقليمي للبعثة البابوية، فذكر أنّ المؤسسات الكنسية المسيحية “ما تزال تلعب دورًا رئيسيًّا في خدمة الشعب الفلسطيني دون تمييز وذلك منذ عقود طويلة، خاصة في قطاع الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. ولذلك عملت البعثة البابوية منذ تأسيسها على دعم عدد من هذه المؤسسات لمساعدتها على مواصلة تقديم خدماتها النوعية والمتميّزة”، مشيرًا إلى أنّ هذه الدراسة تشكّل “حافزًا مهمًّا يدفع البعثة البابوية في القدس إلى مواصلة عملها في هذا المضمار، إضافة إلى التركيز على قطاع الشباب وهو قطاع حيوي يحتاج إلى المزيد من التدخلات المدروسة”.

وقال السيد سامر سلامة، وكيل وزارة العمل في دولة فلسطين: “إننا نقدّر عاليًا الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسات الكنسية المسيحية في فلسطين، وأن هذا الدور لهو تأكيد على تجذّر وتجسّد هذه الكنائس في المجتمع الفلسطيني ومساهمتها الفعالة في بناء الوطن. اننا نتطلع دائما لتعميق العلاقة والتعاون والشراكة بين الحكومة والمؤسسات المسيحية بصفتها مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية نحو مزيد من العطاء والتميز في تقديم الخدمات لابناء شعبنا مع حرصنا الدائم على تسهيل عمل تلك المؤسسات ودعمها ومساندتها”.

ومن الجدير بالذكر أن الدراسة التي أجريت بتمويل من كلية دار الكلمة الجامعية والبعثة البابوية، تُعد الأولى من نوعها في فلسطين والتي تتناول محاور مهمة كحجم التمويل والتوظيف والفئات والقطاعات الحيوية المستهدفة، كما ويعتبر هذا الدليل الأكثر شمولاً حتى الآن، وسيعمل كخط أساس للتدخلات والاستراتيجيات المستقبلية، وسيمهد الطريق لأي بحث مستقبلي في هذا الموضوع.

Shares: