شهدت الأسابيع الماضية عددا من الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي أجراها أرمن الديار المقدسة، احتجاجاً على قرار تأجير جزء من الحي الأرمني في القدس، وتحديداً منطقة “حديقة البقر” (المعروفة باسم “غوفيرون بارديز”). جاء ذلك بعد أن تبين أنه تم إبرام عقد غير قانوني من قبل أطراف في البطريركية الأرمنية، بشكل يتضمن تأجير منطقة “حديقة البقر” لمدة ٩٩ عاماً لصالح منظمة معروفة باسم Xana Gardens بأساليب مشبوهة. وفي سياق توقيت العقد والواقع الحالي في مدينة القدس، يُخشى أن يؤثر مثل هذا العقد على هوية الحي الأرمني والوجود التاريخي لأرمن القدس.
باسم أرمن القدس، نرفض تأجير “حديقة البقر” والمنطقة المرتبطة به، رفضاً قاطعاً، ونعتبره صفقة ملتوية، تتنافى مع حقوقنا وقيمنا الأرمنية والمسيحية والمقدسية وتهدد مستقبل الحضور الأرمني في الأراضي المقدسة، ومن المحتمل أن يأتي العقد غير القانوني بتبعات سلبية على تجمعات وأحياء أخرى في المدينة. نطالب باستمرار شريان الحياة المعهود في الحي الأرمني، والذي يعد جزءاً من فسيفساء القدس بتركيبته الثقافية والتاريخية المتنوعة.
نتوجه بنداء استغاثة، راجين أن يعمل سيادة البطريرك نورهان مانوكيان بشكل جدي لإلغاء العقد المبرم، وأن يبطِل أية عقود أو صفقات موعودة أو مرتقبة ذات العلاقة بعقارات الأرمن وممتلكاتهم في البلاد. نعلن أننا على أتم استعداد لتقديم يد العون لإلغاء مختلف العقود وإبطالها، انطلاقاً من حرصنا على مصير الحي الأرمني ومحيطه.
ونيابة عن الأرمن في البلاد والشتات، نعرب عن عظيم امتناننا للجهود السامية التي بذلها جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وفخامة الرئيس الفلسطيني الدكتور محمود عباس، ودعوتهما الكريمة إلى الحفاظ على خصوصية الحي الأرمني وحماية الوجود المسيحي في القدس. ندعو كافة المعنيين والجاليات الأرمنية حول العالم إلى دعم حراك أرمن القدس من أجل العدالة والشفافية.
نناشد بشكل خاص جمهورية أرمينيا، وقداسة كاثوليكوس عموم الأرمن، كاريكين الثاني، وكافة القيادات والمتضامنين إلى بذل جهود جدية لمساعدة ودعم حراك أرمن القدس من أجل الشفافية والعدالة.
علينا بالاتحاد والحراك لضمان الحفاظ على حينا الذي تعود جذوره إلى القرن الرابع للميلاد. نطالب متحدين بالحصول على إجابات صريحة وواضحة حول حيثيات العقد المبرم، أملاً بإبطال ما تم الاتفاق عليه، وحماية معالمنا والتصدي لمساعي الاتجار غير المشروع بممتلكاتنا ومعالمنا التاريخية. نأمل أن يستمر شريان الحياة المعهود في حينا بشكل يتيح للوجود الأرمني في البلاد بالاستمرار والتطور على الرغم من مختلف التحديات المحيطة.
نثمّن تأييد السينودس الأرمني والجمعية العامة لأخوية “مار يعقوب” في رفضنا لتأجير “حديقة البقر”. كذلك نعبّر عن تقديرنا العميق لمختلف البيانات المتضامنة المناهضة للتأجير لمدة 99 عاماً. ومن الجدير بالذكر خروج بيانات خلال السنوات الأخيرة من قبل رؤساء كنائس القدس، ورد فيها مرة تلو الأخرى إلى أن العقارات المسيحية في الأراضي المقدسة مستهدفة ومعرضة للخطر أمام السياسات الحالية. وفي سياق الواقع الحالي لا يعد عقد تأجير “حديقة البقر” مسألة عقارية فحسب، وإنما يعد جزءاً من اجراءات أعلى ذات دلالات أعمق لسكان المدينة. ووفقاً للقانون الدولي، يعد العقد انتهاكاً صارخا للمواثيق والقرارات ذات العلاقة بحماية الوضع الراهن (“الستاتوس كو”) المتبعة في مدينة القدس.
بموجب القانون الدولي، ينبغي حماية حقوق الكنيسة والتجمعات الأرمنية في القدس. نتوجه إلى سيادة البطريرك مانوغيان، راجين أن تتم الإجابة على تساؤلاتنا المتعلقة بدواعي وحيثيات عقود التأجير، أملاً بجعل كامل العقد في متناول الجمهور والأهالي القلقين حول مستقبل حيهم.
نواصل معاً دربنا في مسيرة حماية كل شبر من الحي الأرمني، بشكل يضمن استمرار ارثه التاريخي والحضاري للأجيال القادمة.
باسم أعضاء النوادي الأرمنية،
الهومينتمين
الهويتشمين
باري سيرادز(الجمعية الخيرية الأرمنية)
