الأخبار

البطريرك الفلسطيني ميشيل صبّاح يكرس رسالة عيد الميلاد الى قطاع غزة ويصف الحرب على قطاع غزة بـ “الإبادة الجماعية”.

في تسجيل استثنائي باللغة الإنجليزية موجها الى الرأي العام العالمي، كرست أعلى شخصية فلسطينية مسيحية كهنوتية على قيد الحياة، غبطة البطريرك الفلسطيني الدكتور ميشيل صباح رسالة عيد الميلاد لهذا العام لسكان قطاع غزة قائلا:
​”إن هذا العام، في بيت لحم وفي كل مكان، عيد الميلاد هو صلاة، ودعاء مٌلِح إلى الله العلي القدير، ليلهم زعماء الحرب أن يوقفوا الحرب في غزة وفي كل فلسطين. في هذه الأيام، تتجه عيون وقلوب الكثيرين إلى بيت لحم، فيرون الحرب على غزة، التي تبعد ساعة عن بيت لحم. هناك الإنسان وبيوت الإنسان صارت أنقاضًا، والأطفال تحت الأنقاض، والإنسانية تحت الأنقاض”. وأضاف البطريرك صبّاح وبأقوى تصريح علني لشخصية دينية بلغة غير العربية: “لم تعد الحرب حربًا، بل إبادة جماعية.” وفي عملية ربط فيها النفسي الديني بمهد السيد المسيح في فلسطين قال غبطته: “إن المسيحي الفلسطيني، وكل مسيحي، أينما كان، يتأمل في سر عيد الميلاد العميق، في محبة الله للإنسانية، وعندما يرى الحرب على غزة، يعرف أن عيد الميلاد، هذا العام، أن حب الله، لا يمكن أن يقتصر على بيت لحم، ولا يمكن أن يقتصر على رعيتك أو جماعتك، أينما كنت. عيد الميلاد يصل إلى حيث يوجد إنسان معذَّب، ولا سيما في أرض الميلاد. الميلاد في هذه السنة يذهب إلى غزة، وإلى كل أنحاء فلسطين حيث الموت هو السيِّد”. وقد طالب غبطة البطريرك صبّاح بوقف الحرب فورا مضيفا:
​” إن ملاك بيت لحم يرفرف فوق غزة وجوارها، ينشد ويقول: سلام، لا موت بعد اليوم. يقول: أيها البشر الذين أحبكم الله بحبه الكبير، عودوا إلى الله، عودوا إلى إنسانيتكم، أوقفوا الحرب، أوقفوا الإبادة الجماعية”. وفي مناشدة لنيل تأييد العالم المسيحي لدعم قضية فلسطين وقطاع غزة قال: “أنتم جميعًا، الذين تحتفلون بعيد الميلاد، في كل بلد ومكان، إن أهلَ بيت لحم وغزة وفلسطين كلها، بحاجة إليكم، إلى عون منكم، إلى عون من كل الكنائس والمؤمنين، ليفسح الإنسان هنا في غزة وحول غزة، مكانًا لكلمة الله الذي صار إنسانًا، بحاجة إلى مساعدتكم، لأن الموت هنا في قلوب الناس، والدمار.
أينما كنتم، صلوا، واعملوا، واطلبوا إيقاف الحرب على غزة والمنطقة كلها. صلوا، وأشعلوا شمعة يترجرج نورها بين أنقاض البشرية، في أرض المهد والنور. فالحرب على غزة هي نقيض لنشيد الملائكة. هي موقف الإنسان الهزيل أمام موقف الله القوي. هي قتل الإنسان بدل حب الله للإنسان. الإبادة يجب أن تتوقف، والحرب والموت، – لصالح الجميع.”

 أشار غبطة البطريرك صبّاح :”إن شعب غزة يستحق السلام، كل الشعب الفلسطيني يستحق التحرر والاستقلال والسلام. كفى موتاً. حان الوقت للنظر في الأسباب الجذرية لهذا الصراع. كانت حروب كثيرة على غزة. وكان موت كثير في جميع المدن والقرى الفلسطينية، وفي القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية”.

وفي فقرة كرسها للحرب على قطاع غزة قال البطريرك ميشيل صبّاح: “إن هذا الصراع الذي نحن فيه، فلسطينيين وإسرائيليين، يهددنا جميعًا، ويعرِّضنا جميعًا لانعدام الأمن نفسه، والدمار والموت الدائم.
لا الاحتلال ولا الفصل العنصري يمكن أن يكونا حلًّا. ولا التهجير القسري ولا الإبادة الجماعية، يمكن أن يكونا الحل.لا يمكن حل الصراع بين البشر بحلول تدوس كرامة البشر. إن المساواة والعدل والكرامة والسلام والأمن للشعب الفلسطيني، هذا وحده، هو السلام والأمن الثابت الحقيقي لإسرائيل. إن السلام العادل والنهائي مع الفلسطينيين في كل مكان هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في إسرائيل والمنطقة كلها. لا يمكنكم بناء دولة جديدة ومنطقة جديدة وعالم جديد، وأساساته موت الشعب الفلسطيني ودماره”.
وفي انتقاد لاذع للموقف الأمريكي قال البطريرك صبّاح: حان الوقت لكي تحل الحياة محل الموت. يحتاج الإسرائيليون إلى أصدقاء حقيقيين. الذين يدلونهم على طرق السلام هم الأصدقاء الحقيقيون. أما الذين يرسلون إليهم الذخائر لمزيد من الموت، فهم يحملون الموت إلى إسرائيل نفسها”. وأضاف ان الحل يجب ان يشمل حلا عادلا ونهائيا، لكل الفلسطينيين ولملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في جميع أنحاء العالم، وفي مخيمات اللاجئين، بما في ذلك في قطاع غزة، – وكلهم ينتظرون أن يعودوا إلى ديارهم.

وأنهى غبطة البطريرك صبّاح كلمته قائلا: “أتمنى لكم جميعًا عيد ميلاد، فيه قداسة وإنسانية وطمأنينة. أتمنى أن نتمكن قريبًا من الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم وغزة وفي جميع الأراضي المقدسة، وفي قلوب الجميع سلام واطمئنان. أتمنى للجمع عيد سلام، من أرض السلام”.
ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة الا ان نسبة الفلسطينيين المسيحيين من مجمل الفلسطينيين في العالم تتراوح ما بين ١٥-٢٠ بالمائة منتشرين في دول الشتات والأغلبية منهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا في نكبة عام ١٩٤٨. وفي مهد الميلاد لا تتعدى حاليا نسبتهم أكثر من ٣ بالمائة (في كل فلسطين التاريخية) بينا لا يتعدى عدد الفلسطينيين المسيحيين أكثر من عشرة آلاف نسمة في القدس المحتلة. ومنذ احتلال القسم الثانيالشرقي من فلسطين عام ١٩٦٧ تزايدت المضايقات والاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين والكنائس والأديرة والمقابر كما تزايدت الإهانات والشتائم تجاه الكهنة والراهبات في كل فلسطين التاريخية كما تتعرض الممتلكات المسيحية الى أخطر المخططات لنهبها أو مصادرتها أو الاستحواذ عليها بطرق التفافية، وبعمليات نصب، وخيانة، واحتيال.
ورغم ذلك فإن دور الفلسطينيين المسيحيين الذين يعانون أيضا من تزايد الهجرة نتيجة العنصرية الصهيونية نحوهم والتضييق الاقتصادي ما زالوا يلعبون دورا رياديا في حقول التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية تفوق نسبتهم في فلسطين ذاتها إذ ان المؤسسات المسيحية التي يفوق عدد ها ثلاثمائة هي على سبيل المثال المشغل الأكبر الثالث في شرق فلسطين المحتل عام ١٩٦٧ بعد السلطة الفلسطينية ووكالة الغوث “الأونروا”. ويذكر أنه ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية استشهد ١٨ فلسطينيا مسيحيا غزيا في قصف طال ثالث أقدم كنيسة في العالم (الكنيسة الأرثوذكسية) كما قتل الاحتلال الإسرائيلي في منتصف كانون الأول ٢٠٢٣ سيدة وابنتها وقصف دير “الأم تيريزا” كما كان قد قصف المستشفى المعمداني (العربي الأهلي) وقتل نحو خمسمائة فلسطيني شهيد.

Print Friendly, PDF & Email
Shares: