الأخبار

فلسطين في صدارة مهرجان “الأيام السماوية” في الدنمارك

حضور نوعي للجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس وجامعة دار الكلمة، والوجود المسيحي في قلب النقاش

شاركت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين بتنسيق من مؤسسة أصدقاء بيت لحم في مهرجان “Heavenly Days – الأيام السماوية”، الذي انعقد في مدينة سيلكيبورغ بمملكة الدنمارك، وهو مهرجان دولي يُنظم كل ثلاث سنوات بمبادرة من الكنيسة الإنجيلية اللوثرية ومؤسسات من المجتمع المدني، ويعد من أبرز المنصات اللاهوتية والفكرية على مستوى أوروبا.

وشهد افتتاح المهرجان حضور الدكتور رمزي خوري، رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مشاركة رمزية أكدت على أهمية الحضور الفلسطيني الرسمي والروحي في هذا المحفل الدولي. وقد تصدرت القضية الفلسطينية النقاشات من زوايا دينية ولاهوتية وإنسانية، مسلّطة الضوء على الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة.

وخلال أعمال المهرجان، مثّلت اللجنة السفيرة أميرة حنانيا، ممثلة اللجنة في أوروبا، التي شاركت في عدد من المحاضرات والجلسات الحوارية، مؤكدة في كلماتها على أهمية تعزيز الحضور المسيحي الفلسطيني في أرضه، لا سيما في ظل الجرائم المرتكبة بحق المدنيين واستهداف الوجود المسيحي والمقدسات.

وفي رسالة وجهتها من على منبر المهرجان، دعت السفيرة أميرة حنانيا الكنائس حول العالم إلى اتخاذ مواقف وإجراءات ملموسة، محذّرة من استخدام الإنجيل والكتاب المقدس كأداة لتبرير العنف أو شرعنة آلة الحرب الدائرة في غزة وكل فلسطين. وقالت: “لا يجوز أن يُستعمل كلام الله لتبرير الاحتلال أو تغطية الجرائم. على الكنيسة أن تكون صوت الضمير، لا أداة صمت أو تواطؤ. نحن بحاجة إلى إيمان يُترجم إلى عدالة، لا إلى نصوص تُستغل لتكريس الظلم.

وشهد المهرجان عرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني “طريق الآلام” على مدى يومين ضمن فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني المصاحب للبرنامج العام، وهو من إخراج السفيرة أميرة حنانيا. ويوثق الفيلم معاناة الوجود المسيحي الفلسطيني في محطات تاريخية متعددة، مع التركيز على ما تعرض له هذا الوجود من انتهاكات منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في القدس وقطاع غزة. ويركز الفيلم على أبعاد الظلم والحرمان من حرية العبادة والاضطهاد الديني، ناقلاً صورة مؤثرة من قلب الكنيسة إلى قاعات النقاش؛ حيث لاقى تفاعلاً واسعاً من قبل الجمهور.

كما شاركت جامعة دار الكلمة في إحدى أبرز الجلسات الحوارية من خلال مؤسسها ورئيسها القس الدكتور متري الراهب، والمناضل الجنوب إفريقي فرانك شيكانا، والفنانة الفلسطينية رنا البطراوي، مديرة فرع الجامعة في غزة وناجية من العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.

وتناول القس الراهب في مداخلته لاهوت ما بعد غزة، مؤكداً على ضرورة أن تعيد الكنيسة النظر في رسالتها في ضوء المجازر الجارية، داعياً إلى مواجهة صمت الكنائس الغربية، وقال: “المسيحية الصهيونية تفرغ رسالة المسيح من معناها. الكنيسة الأصيلة تقف مع المظلومين، لا مع المستعمرين.”

أما فرانك شيكانا، أحد أبرز رموز مقاومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، فقد وجّه رسالة مباشرة للكنائس العالمية، قائلاً:
“الكنيسة التي تصمت اليوم، تكرّر خطأ صمتها في وجه الأبارتهايد. ما يحدث في فلسطين فصل عنصري واستعمار، ويجب تسميته بما هو عليه: إبادة يجب أن تتوقف.”

واختتمت الفنانة رنا البطراوي الجلسة بشهادة شخصية من غزة، نقلت خلالها المعاناة اليومية تحت الحصار والقصف، وقالت:
“غزة اليوم تعيش على الحافة بين الحياة والموت. لكن، رغم كل شيء، لا زلنا نحلم، نحب، ونصنع الفن. صوتي من هنا هو صوت كل أم، وكل طفل، وكل فنان تحت القصف.”

وقد أكدت مشاركة اللجنة الرئاسية العليا إلى جانب مؤسسات فلسطينية أكاديمية وثقافية أن فلسطين ليست مجرد عنوان صراع، بل جرح مفتوح في ضمير الإنسانية، ورسالة روحية تنبع من أرض المسيح تطالب بالعدالة.

ومن “الأيام السماوية” في الدنمارك، رفعت فلسطين صلاتها إلى العالم:
“لا تتركوا العدالة تُصلب مرة أخرى.”

Shares: