مسيحيون تحت الإحتلال

سلطات الاحتلال الاسرائيلي تنغص فرحة عيد الميلاد المجيد على مسيحيي قطاع غزة

كعادتها تحاول سلطات الاحتلال الاسرائيلي تضيق الخناق على فلسطيني قطاع غزة، وهذا العام لم يكن كأعوام سابقة على المسيحيين الذين تقدموا للحصول على تصاريح للمشاركة في عيد الميلاد المجيد في مدينة الميلاد بيت لحم، والحج لكنيسة المهد وكنيسة القيامة، ولم تكتفي الحكومة الاسرائيلية بفرض المنع الامني على عدد من الاشخاص، بل استفحلت في غطرستها وانتهجت سياسة جديدة لتصدر عدد من التصاريح أقرب ما يقال لها منتهية الصلاحية، والواقع يقول أن هذه التصاريح ليست سوى تصريح للوصول الى حاجز ايرز العسكري لتدرك أن التصريح الذي بحوزتك قد تم ايقافه ولن تتمكن من السفر، لم يصل إلى الضفة الغربية والقدس سوى عدد قليل جدا من الغزيين للمشاركة في الأعياد وبعضهم افراد دون عائلاتهم او اطفالهم، وذلك لأن الاسرائيليين مُصرين على تمزيق شمل العائلات الفلسطينية وتنغيص فرحة الاعياد، ضاربة بعرض الحائط كافة المواثيق الدولية والانسانية والتي تكفل وتضمن حرية العبادة و حرية الحركة.

الكشف الذي تقدمت به الكنائس في غزة هذا العام ضم ما يقارب ال 1000 شخص، أي ضم جميع مسيحي القطاع. وكما اسلفنا سابقا تم الموافقة على 650 تصريح بعضهم منتهي الصلاحية، و ما يقارب ال 200 اسم رفضت تصاريحهم تحت بند المنع الأمني، وفي استسفار الكنيسة من الجانب الاسرائيلي عن سبب عدم اصدار كافة التصاريح، كانت الاجابة بأن هناك نظام كوته بواقع 500 تصاريح ونحن اصدرنا 650 تصريح قال الاسرائيلين. ولكنهم فعلياً لم يصدروا حتى عدد الكوته (500).

كانت هذه المرحلة الاصعب على بعض العائلات في القطاع، العديد من الفتيات اللواتي ينتظرن هذه التصاريح بفارغ الصبر للاحتفال في زفافهم في الضفة الغربية، وعائلات اخرى اضطروا للبقاء في قطاع غزة وعدم السفر لأن التصريح لا يشمل كافة افراد العائلة بل يتم اصدار التصريح للأب دون الام والأطفال او للأم دون زوجها واطفالها، بالاضافة للعديد من الاحداث والسيناريوهات التي حدثت في غزة بسبب سياسية التصاريح المقيته التي تنتهجها اسرائيلي كل عام لتتفنن في قتل فرحة الاعياد عند مسيحي قطاع.

أجرت اللجنة مقابلات مع بعض العائلات الغزية الممنوعة من السفر. حيث تواصلنا  مع مدير العلاقات العامة لكنيسة الروم الارثوذكس في قطاع غزة السيد كامل عياد، والذي قال “أن هذه هي السنة الخامسة التي يرفض بها امنياً، والعام الثاني على التوالي لرفض زوجته بسمة دون ابداء السبب”، علماً بأنه تمت الموافقة على اصدار تصاريح فقط لبناته الذين لن يتمكنوا من السفر وحدهم.

السيد الياس الجلدة اب ل 3 ابناء، تقدم هو وعائلته بشكل رسمي خلال الكنيسة للحصول على التصاريح، لم يصدر سوى تصريح واحد لنجله الاصغر، ورفض تصريح الياس امنيا، اما طلب الزوجة وباقي الابناء مازال معلقا وفي انتظار الرد، وأضاف الجلدة “صُعقنا هذا العام حين وصل ردود للعديد من العائلات أن اطفالهم الذين لم تتعدى اعمارهم الاشهر او السنة رفضوا بسبب المنع الامني، متسائلاً كيف لطفل أن يهدد امن دولتهم المزعومة؟” علماً بأن الاتفاقيات الموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب الاسرائيلي تضمن الحق في حرية التنقل والحركة، وبحسب التصنيف الاسرائيلي المعروف بمنطقة ( أ )، ان سكان هذه المنطقة يحق لهم التنقل دون اي عراقيل فهي مناطق تقع تحت وتتبع السلطة الفلسطينية بشكل كامل، ولكن اسرائيل ليست لها رباط أو ميثاق على اي اتفاق تم توقيعه، فإن سياستها واحدة وهي منع الفلسطينيين من مشاركة شعائرهم وطقوسهم الدينية.

اما فايز شاهين وهو احد وكلاء الكنيسة الارثوذكسية العربية في قطاع غزة، متزوج واب لولدين وبنتين، تقدم بطلب للحصول على تصريح، تم الموافقة على تصريح لزوجته وابنته الصغيرة  فقط، بينما هو ونجله البكر رفضوا أمنياً وباقي العائلة على قائمة ” ارسل وينتظر الرد”. ويضيف “أنا مندهش من تكرار رفضي امنياً على مدار سنوات مع العلم أنني ليس لدي اي مشاركة أو انتماء سياسي”، سيكتفى المهندس شاهين  هذا العام بإضاءة شجرة الميلاد في منزله على امل ان يستطيع الحصول على تصريح في العام القادم” .

مدير المركز الثقافي والاجتماعي الارثوذكسي في غزة  رامي طرزي، والمصابة والدته بمرض السرطان، ومنع من أن يكون بجانبها في فترة علاجها في مستشفيات الضفة الغربية، رُزق حديثا بطفله البكر زهير، والذي كان يأمل بأن يشاركه هذا العام في الصلاة في مغارة الميلاد حيث ولد سيدنا المسيح له المجد، ولكن اسرائيل وسياستها حالت دون ان يتحقق هذا الحلم البسيط، ومنعت العائلة من السفر بدواعي المنع الأمني، ويضيف طرزي “بطبيعة عملي احتاج للتنقل والسفر الى الضفة الغربية أو للمرور عبر معبر الكرامة للمشاركة في ندوات ومؤتمرات دولية وغيرها. كثيرا ما تَقدمت سواء عن طريق المؤسسات الكنسية أو الشؤون المدنية للحصول على تصريح، ولكن دائماً المنع الامني يكون الحاجز بيني وبين امكانيتي من المشاركة في كل هذه الفعاليات”، ويكمل الكشوفات والكوته الاسرائيلية للتصاريح كشوفات غريبة وظالمة، لا يُعقل أن يحصر عدد المشاركين في الاحتفالات الميلادية من قطاع غزة ب 500 شخص فقط، وان يكون من بين هذه الاسماء تصاريح لأشخاص هاجروا و تركوا القطاع منذ سنوات، مضيفا ان هذه الاسماء تشغل مساحة من الكوته وتحرم من هم بحاجة لتصاريح وتشغل حيزهم”.

ويأمل مسيحي القطاع بأن ينتهي هذا الكابوس ويتمكنوا من المشاركة في الاعياد دون الحاجة للحصول على تصاريح، وان يأتي العام القادم وقد تحررت فلسطين ونال شعبنا كافة حقوقه باقامة دولته وعاصمتها القدس.

 

ويبقى الامل موجوداً

Print Friendly, PDF & Email
Shares: