مسيحيون تحت الإحتلال

أسرى مسيحيون يقضون أعيادهم خلف قضبان سجون الاحتلال

سامر …. مروان ….ابراهيم… خالد… نائل… جون….

التهمة لم يصمتوا على الظلم والقهر ولم ينحنوا أمام محتل غاشم لا يعرف سوى شريعة الغاب، فمنذ نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 وسلطات الاحتلال الاسرئيلي تتففن في اختراع الطرق والادوات لتمارس التنكيل والبطش والظلم بحق الشعب الفلسطيني بمسيحييه ومسلميه على حدٍ سواء،وأصبح مئات الالاف من ابناء شعبنا على مر الاعوام الطويلة من الاحتلال اسرى في سجونه ومعتقلاته، يُعانون من ابشع اشكال التعذيب النفسي والجسدي ويعشون ظروفا قاسية فرضتها عليهم سياسات واجراءات احتلالية التي تنتهك مبادئ حقوق الانسان واتفاقيات جنيف ذات الصلة، والتي حرمتهم من احتياجاتهم الأساسية، بل ان تلك السلطات ما تزل تضيّق عليهم وتفرض اشكالا كثيرة  من العقاب الفردي والجماعي.  

تحدثنا مع بعض من عائلات الاسرى:-

تنتظر نورا واطفالها الثلاثة ريتا 12 عام، مينا 9 أعوام، وجولان7 اعوام، زيارة سامر بشوقٍ كل شهر تلك الزيارة  التي تستغرق45 دقيقة والتي لا تكفي للحديث والتحاور مع سامر عن احوالناواخباره عن الاهل وقصص الاولاد، الا اننا نسرق من الوقت وقتا للتعبير عن مدى الاشتياق والحنين، هذا ما ترويه لنا زوجة الأسير سامر العربيد البالغ من العمر 47 سنة والمعتقل منذ العام 2019، ولم يصدر بحقه حكم حتى الآن.

يقبع سامر حالياً في سجن نفحة الصحراوي والذي يفتقر لادنى وابسط الظروف الانسانية، وكان سامر قد اعتقل عدة مرات بدءً من العام 2002 حتى جاء العام  2019 وقد تم اعتقاله من امام عمله في مدينة البيرة من قبل قوات خاصة وأوقف في سجن المسكوبية وبعد انقضاء 48 ساعة رن هاتف نورا ليخبرها المحامي بأن سامر في حالة شبه غيبوبة وتم نقله إلى مستشفى هداسا وتردي وضعه الصحي نتيجة الضرب والتنكيلخلال التحقيق، وكغيره من الاسرى تعرض للاهمال الطبي، سَمح الاحتلال لنورا زيارته بالمستشفى وكانت حالته حرجة فقد عانى من توقف لعمل الكلى و كسر في 11 ضلع من اضلاعه ما سبب له صعوبة في التنفس والتكلم والحركة وحتى يومنا هذا يعاني من أصاباته البليغة وخصوصاً من آلامٍ عامة في الظَهرِ والأرجل والرَقَبَة، بالإضافة إلى استمرار فقدانهِ للسمعِ في أذنه اليُمنى ومعاناته من طنينً مستمر فيها بسبب تضرر عصب الاذن، وأنه يعاني من خلل في نهاية الاظافر والاطراف بسبب الشبح لساعات طويلة.  تحديداً مع مماطلة الاحتلال لعرضه بشكل مستمر على الاطباء المختصين او اعطائه الدواء اللازم. تقول نورا “ان ريتا الابنه الاكبر في اخوتها سألتها ذات يوم ماذا تعني كلمة حالته حرجة والتي عرفتها من قصص التعذيب التي تعرض لها والدها وسمعتها تتكرر في البيت مراراً وتكراراً كيف أصف لها معنى هذه الكلمة فهي طفلة، هل لي أن اشرح لها أو أن ما سمعته وشاهدته في مواقع التواصل الاجتماعي والمسيرات يكفيها لمعرفة ما يدور حولها ومعرفة مصير والدها” تستطرد نورا القول “أن الولد سر ابيه فعلاً فابنائنا يشبهون سامر قلباً وقالباً فرغم محاولات الاحتلال والبعد والفاصل الزجاجي بينهم الا انهم يرفضون كل الحواجز فهم بأمس الحاجة لضم ومعانقة والدهم كما يليق بكل طفل لعناق والده.

في العام التالي لاعتقاله اي في عام 2020، توفت والدة سامر وهي مشتاقة لاخر عناق وهو مشتاق لطبع قبلة الوداع الاخيرة على جبين امه،  بصوتٍ يحمل نبرة الألم عن غياب سامر عن البيت وعن حياتهم قائلةً: في فراغ صعب تعبّيه، كل واحد له دوره بالحياة، وهذا أب، وزوج، وهناك مشاعر عاطفية فأنا أشتاق له وأفتقده جداً، وهناك مشاعر انسانية فالأطفال بحاجة والدهم ويشعرون بهذا الفراغ رغم محاولتي الكبيرة أنا وأهلي أن نلبي كل احتياجاتهم.

ويعتبر سامر العربيد واحد من بين عشرات الأسرى الفلسطينيين المسيحيين المعتقلين في سجون الاحتلال، ومنهم من هو معتقل ادارياً (أي بدون حكم)، ومنهم من يقضي أحكاما تتراوح بين عدة شهور وعدة سنوات كالمعتقل ابراهيم مسعد الذي يقضى حكم مؤبد مدى الحياة.

أما زوجة الأسير مروان ابراهيم معدي هذا الاسم لا يجب ان يمر على اي فلسطيني مرور الكرام لان محكمة الاحتلال اعادة اعتقاله مرتين قبل انهاء محكوميته الفعلية وهي حالة نادرا ما تحدث

تحدثنا مع السيدة نيرفت لنتعرف معها اكثر على حياة الاسير زوجها والذي صدر بحقه حكماً مدته 22 عام. والبالغ من العمر 62 عام من سكان قرية جفنا قضاء رام الله هو اب لثلاث شباب اكبرهم الان يبلغ 33 عام واصغرهم 28 عام.

فجر يوم 5/7/2012، قامت قوات الاحتلال باقتحام والعبث بمحتوبات منزل معدي وقبل المغادرة اعتقلوه لم يأبه بالموضوع بدايةً فهو معتاد على استجاوبة من قبل المخابرات الاسرائيلية كل مرة يحاول فيها السفر عبر معبر الكرامة لا بد له أن يُحول إلى المخابرات،. ولكن هذه المرة الحال مختلف تماماً مع مروان فقد تم توقيفه في المسكوبية لمدة  10 ايام تعرض خلالها للتعذيب والتحقيق المتواصل من ثم قاموا بتوجيه تهمة الاعتداء على جنود الاحتلال، ولكن الحكم تحول من تهمة إلى القتل العمد، حُكم بالسجن لمدة ثماني سنوات وانتقل إلى سجن عوفر، وكان من المفترض أن تنتهي محكوميته في تموز من العام 2020، إلا أنه وقبل انتهاء محكوميته الفعلية بشهرين قامت نيابة الاحتلال بالاستئناف ضد قرار المحكمة الصادر بحق الأسير معدي وقررت قبول الاستئناف، وإدانته علماً بأن لائحة الاتهام لم تنسب له أي تهمة فيما يتعلق بالجندي الثاني.وتم اعادة اعتقاله ولازال يقبع حتى الآن في سجن رامون. تقول نيرفت أن خبر اعادة حكمه للمرة الثانية وقع علينا كالصاعقة كنا ننتظر بفراغ الصبر لحظة الافراج وعودته بيننا من جديد لنكمل حياتنا كجميع احرار العالم الذين يعيشون وسط عائلتهم في افراحهم واحزانهم فهو لم يشهد تخرج أي ولد من اولاده حتى أن ابني الاكبر تزوج ولم يكن بيننا وكذلك الحال مع ابني الثاني الذي سيكون فرحه قريباً.

وختاما لا بدّ من توجيه تحية اعتزاز واكبار لكافة الاسيرات والاسرى والمعتقلين الابطال على صمودهم الاسطوري وهم يواجهون بعزيمتهم وارداتهم الصلبة كافة المحاولات الاسرائيلية للنيل من ارداة صمودهم وتمسكهم بأمل  التحرر من سجون القمع والارهاب، وستبقى قضيتهم على رأس سلم الاولويات الوطنية حتى نيل حريتهم وعودتهم الى احضان عائلاتهم وشعبهم محررين اعزاء مكرمين.

Shares: